إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها

          5259- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ (أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ) ☺ (أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا) بضم العين مُصغَّرًا، ابن الحارث (العَجْلَانِيَّ) بفتح العين المهملة وسكون الجيم (جَاءَ إِلَى) ابن عمِّه (عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلًا) أي: أخبرني عن رجلٍ (وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا) على بطنهَا (أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ(1)) قِصاصًا لآية: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:45] (أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلعم ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلعم ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلعم المَسَائِلَ) المذكورةَ لما فيها من البشاعةِ والشَّناعة على المسلمين والمسلمات (وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ) بضم الباء الموحدة، عَظُم وشقَّ (عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلعم ؟ فَقَالَ) له (عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلعم المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صلعم وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا) أي: أخبرنِي عن رجلٍ (وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكَ) ولأبي ذرٍّ: ”قد أُنزل فيكَ“ (وَفِي صَاحِبَتِكَ) زوجتك خولة بنت قيسٍ على المشهور آية اللِّعان (فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا. قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلعم ) زاد في «تفسير سورة النُّور» [خ¦4745]: «بما(2) سمَّى الله في كتابه» (فَلَمَّا فَرَغَا) من تلاعنهمَا (قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ).
          قيل: المطابقةُ بين الحديث والتَّرجمة في قوله: فطلَّقها ثلاثًا لأنَّه صلعم أمضاهُ ولم يُنكر عليه، وهذا فيه نظرٌ لأنَّ اللِّعان تعلَّق به انفساخُ النِّكاح ظاهرًا وباطنًا كالرَّضاع والحُرمة المؤبَّدة، لكن قد يقال: إنَّ ذكره للطَّلاق الثَّلاث مجموعة، ولم ينكره ╕ عليه يدلُّ له‼، والظَّاهر: أنَّ عُويمرًا لم يظنَّ أنَّ اللِّعان يحرِّمها عليه، فأرادَ تحريمها بالطَّلاق الثَّلاث.
          وهذا الحديث قد سبق في تفسير «سورة(3) النُّور» [خ¦4745].
          (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) الزُّهريُّ _بالسَّند السَّابق_: (فَكَانَتْ تِلْكَ) التَّفرقة (سُنَّةَ المُتَلَاعِنَيْنِ) فلا يجتمعان بعد المُلاعنة.


[1] في (م) و(د): «فيقتلونه»، والمثبت موافق لليونينية.
[2] في (م) و(ص): «مما».
[3] في (م) زيادة: «سورة».