إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: من لم يتغن بالقرآن

          ░19▒ (بابٌ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ) أي: يستغن (بِالقُرْآنِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ}) آيةً ({أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ}) القرآنَ العظيم الَّذي فيه خبرُ ما قبلهم، ونبأُ ما بعدهم، وحكمُ ما بينهم ({يُتْلَى عَلَيْهِمْ}[العنكبوت:51]) في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، فلا تزالُ معهم آيةٌ ثابتةٌ لا تزولُ.
          وقال أحمدُ: عن وكيعٍ: أي: يستغنى بهِ عن أخبارِ الأمم الماضيةِ، فليسَ المرادُ بالاستغناء في الآيةِ الاستغناء الَّذي هو ضدُّ الفقرِ، وقد أخرجَ الطَّبريُّ وغيره _كما قال(1) في «الفتح»_ من طريقِ عمرو بنِ دينارٍ، عن يحيى بن جَعْدَةَ(2) قال: جاءَ ناس من المسلمين بكتبٍ قد كتبُوا فيها بعضَ ما سمعوهُ‼ من اليهودِ، فقال النَّبيُّ صلعم : «كَفَى بقومٍ ضلالةً أن يرغبُوا عمَّا جاءَ بهِ نبيُّهم إليهم(3) إلى ما جاءَ بهِ غيره إلى غيرهم» فنزلت: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} الاية[العنكبوت:51] وفي ذكر المؤلِّف هذه الآية عقبَ التَّرجمة إشارةٌ إلى أنَّ معنى التَّغني الاستغناء، وسقطَ «{يُتْلَى عَلَيْهِمْ}» لغير أبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ(4).


[1] «قال»: ليس في (د).
[2] في كل الأصول: «بن جعفر» وهو سبق قلم، والتصحيح من مصادر التخريج وانظر الدر المنثور(6/471).
[3] قوله: «إليهم»: ليس في (ب)، وضرب عليها في (م).
[4] قوله: «وسقط {يُتْلَى عَلَيْهِمْ} لغير أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ»: ليس في (د).