إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها

          394- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيَيْنَةَ (قَالَ: حَدَّثَنَا) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ) / ولأبوي ذَرٍّ والوقت زيادة: ”اللَّيثيِّ“ (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) خالد بن زيدٍ (الأَنْصَارِيِّ) ☺ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ) اسمٌ للأرض المطمئنَّة لقضاء الحاجة (فَلَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا) احترامًا لها وتعظيمًا، وهل هو من جهة خروج الخارج المُستقذَر، أو من جهة كشف العورة؟ فيه خلافٌ مبنيٌّ(1) على جواز الوطء مستقبل القبلة مع كشف العورة، فمن علَّل بالخارج أباح، ومن علَّل بالعورة منع (وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) مخصوصٌ بأهل المدينة لأنَّهم المُخاطَبون، ويلحق بهم: من كان على سَمْتهم ممَّن إذا استقبل المشرق أو المغرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها.
           (قَالَ أَبُو أَيُّوبَ) الأنصاريُّ: (فَقَدِمْنَا(2) الشَّأْمَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ) بفتح الميم وكسر الحاء المُهمَلة والضَّاد المُعجمَة، جمع: مِرْحاضٍ، بكسر الميم (بُنِيَتْ) لقضاء حاجة الإنسان (قِبَلَ) بكسر القاف وفتح المُوحَّدة، أي: مقابل (القِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ) عن(3) جهة القبلة، من الانحراف، وفي روايةٍ: ”فنتحرَّف“ (وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى) لمن بناها، فإنَّ الاستغفار للمؤمنين سُنَّةٌ، أو من الاستقبال، ولعلَّ أبا أيُّوبَ ☺ لم يبلغه حديث ابن عمر في ذلك، أو لم يرَه مُخصِّصًا، وحمل ما رواه على العموم.
           ورواة هذا الحديث الخمسة مابين بصريٍّ(4) ومكِّيٍّ ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة، ورواية الأكابر عن الأصاغر(5)، وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه في «الطَّهارة».
          ثمَّ عطف المؤلِّف على قوله: حدَّثنا سفيان قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ) بالإسناد المذكور (عَنْ عَطَاءٍ) أي: ابن يزيد (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ) الأنصاريَّ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم مِثْلَهُ) أي: مثل الحديث السَّابق، والحاصل: أنَّ سفيان حدَّث به عليًّا مرَّتين: مرَّةً صرَّح بتحديث الزُّهريِّ له وفيه عنعنةُ عطاءٍ، ومرَّةً أتى بالعنعنة عن الزُّهريِّ وبتصريح عطاءٍ بالسَّماع.


[1] في (ص): «ينبني»، وفي (م): «يبتني».
[2] في (د): «وقدمنا».
[3] في (د): «من».
[4] في (ص): «مصريٍّ»، وهو تحريفٌ.
[5] «ورواية الأكابر عن الأصاغر»: ليس في (د) و(س).