إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره

          374- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو) بفتح العين وإسكان الميم (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ(1) (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ) وللأَصيليِّ: ”عن أنس بن مالكٍ“ قال: (كَانَ قِرَامٌ) بكسر القاف وتخفيف الرَّاء، سترٌ رقيقٌ من صوفٍ، ذو ألوانٍ أو رقمٍ ونقوشٍ (لِعَائِشَةَ) ♦ (سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم ) لها: (أَمِيطِي) أمرٌ من أماط يُميط، أي: أَزِيلي (عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُ) بغير ضميرٍ، و«الهاء» في «فإنَّه» ضمير الشَّأن، وفي روايةٍ: ”تصاويره“ بإضافته إلى الضَّمير، فضمير «إنَّه» للثَّوب (تَعْرِضُ) بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وكسر الرَّاء، أي: تلوح لي (فِي صَلَاتِي) ولم يُعِدْ الصَّلاة ولم يقطعها، نعم تُكرَه الصَّلاة حينئذٍ لما فيه من سبب اشتغال القلب المفوِّت للخشوع، ووجه إدخال حديث القِرَام في التَّرجمة لأنَّه إذا نهى عنه في التَّجمُّل كان النَّهي عن لباسه في الصَّلاة بطريق الأَوْلى، ويلحق المُصلَّب بالمُصوَّر لاشتراكهما في كون كلٍّ منهما قد عُبِد من دون الله، وفي حديث عائشة عند المؤلِّف في «اللِّباس» [خ¦5952] قالت: لم يكن رسول الله صلعم يترك في بيته شيئًا فيه تصليبٌ إِلَّا نقضه، وأمرُه صلعم بالإماطة في حديث الباب يستلزم النَّهيَ عن الاستعمال. واستنبط منه الشَّافعيَّة: كراهة الصُّور مُطلَقًا، واستثنى الحنفيَّة من ذلك ما يُبسَط، وبه قال المالكيَّة وأحمد في روايةٍ.
          ورواة هذا الحديث كلُّهم بصريُّون، وفيه / : التَّحديث والعنعنة، وأخرجه في «اللِّباس» [خ¦5952] أيضًا والنَّسائيُّ.


[1] في (د): «سعد»، وهو تحريفٌ.