إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أقبل النبي من نحو بير جمل

          337- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيْرٍ، نسبةً إلى جدِّه(1) لشهرته به، المخزوميُّ المصريُّ(2)(قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ) ابن شرحبيل الكنديِّ المصريِّ، وفي رواية الإسماعيليِّ: «حدَّثني جعفرٌ» (عَنِ الأَعْرَجِ) هو عبد الرَّحمن بن هرمز المدنيِّ، ولابن عساكر كما في الفرع: ”عن حميدٍ الأعرج“‼وهو ابن قيسٍ المكيِّ، أبو صفوان القارئ، من السَّادسة، تُوفِّي سنة ثلاثين أو بعدها (قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا) بضمِّ العين، مُصغَّرًا، ابن عبد الله الهاشميِّ (مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بْنُ / يَسَارٍ) بفتح المُثنَّاة التَّحتيَّة والسِّين المُهمَلة (مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلعم حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الحَارِثِ) بالمُثلَّثة، و«جُهَيمٌ» بضمِّ الجيم وفتح الهاء، بالتَّصغير، عبد الله (بنِ الصِّمَّةِ) بكسر الصَّاد المُهمَلة وتشديد الميم، ابن عمرو بن عتيكٍ الخزرجيِّ (الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ أَبُو الجُهَيْمِ)(3) وللأَصيليِّ وأبي الوقت: ”أبو جُهَيْمٌ(4)“ ولابن عساكر: ”فقال الأنصاريُّ“: (أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلعم مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ) بالجيم والميم المفتوحتين: موضعٌ بقرب المدينة، أي:من جهة الموضع الذي يُعرَف بـ «بئر الجمل» (فَلَقِيَهُ رَجُلٌ) هو أبو الجهيم الرَّاوي كما صرَّح به الشَّافعيُّ في روايته (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَُِّ عَلَيْهِ(5) النَّبِيُّ صلعم ) بالحركات الثَّلاث في دال «يردَّ»: الكسرلأنَّه الأصل، والفتح لأنَّه أخفُّ، وهو الذي في الفرع وغيره، والضَّمّ لإتباع الرَّاء (حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ) الذي هناك وكان مباحًا فحتَّه بعصًا، ثمَّ ضرب يده(6) على الحائط (فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ) وللأَصيليِّ وأبي الوقت: ”وبيديه“ بزيادة المُوحَّدة، وللدَّارقطنيِّ وغيره: ومسح وجهه وذراعيه (ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أي: على الرَّجل (السَّلَامَ) زاد في رواية الطَّبرانيِّ في «الأوسط»: وقال: «إنَّه لم يمنعني أن أردَّ عليك إلَّا أنِّي كنت على غير طهرٍ» أي: أنَّه كره أن يذكر الله على غير طهارةٍ، قال ابن الجوزيِّ: لأنَّ السَّلام من أسماء الله تعالى، لكنَّه منسوخٌ بآية الوضوء، أو(7) بحديث عائشة: «كان ╕ يذكر الله على كلِّ أحيانه»، قال النَّوويُّ: والحديث محمولٌ على أنَّه ◙ كان عادمًا للماء حال التَّيممُّ لامتناع التَّيمُّم مع القدرة سواءٌ كان لفرضٍ أو نفلٍ، قال في «الفتح»: وهو مقُتضَى صنيع البخاريِّ، لكن تُعقِّب استدلاله به على جواز التَّيمُّم في الحضربأنَّه(8) وَرَدَ على سببٍ وهو إرادة(9) ذكر الله فلم يُرِدْ به استباحة الصَّلاة، وأُجيببأنَّه لمَّا تيمَّم في الحضر لردِّ السَّلام مع جوازه بدون الطَّهارة، فمن خشي فوات الصَّلاة في الحضر جاز له التَّيمُّم بطريق الأَوْلى، واستدلَّ به: على جواز التَّيمُّم على الحجر(10) لأنَّ حيطان المدينة مبنيَّةٌ بحجارةٍ سودٍ، وأُجيببأنَّ الغالب وجود الغبار على الجدار، لا سيَّما وقد ثبت «أنَّه ╕ حتَّ(11) الجدار بالعصا، ثمَّ تيمَّم» كما في رواية الشَّافعيِّ، فيُحمَل المُطلَق على المُقيَّد.
          ورواة هذا الحديث السَّبعة ما بين مدنيِّين ومصريِّين(12)، وفيه: التَّحديث والعنعنة، وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ في «الطهارة».


[1] في (ب) و(س): «لجدِّه».
[2] في (د): «البصريُّ»، وهو تحريفٌ.
[3] في غير (م): «جهيم».
[4] في غير (ص): «الجهيم»، وهو خطأٌ.
[5] «عليه»: سقط من (د).
[6] «يده»: ليس في (ص).
[7] في (ص): «و».
[8] في (م): «لأنَّه».
[9] «الإرادة»: سقط من (د).
[10] في (د): «بالحجر».
[11] في (ص): «حكَّ».
[12] في (د) و(ج): «بصريِّين»، وهو تحريفٌ.