إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عدي: أتينا عمر في وفد فجعل يدعو

          4394- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) المنقريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح اليشكريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ) بنُ عمير (عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ) بفتح العين في الأول وضم الحاء المهملة آخره مثلثة في الثاني، المخزوميِّ الصَّحابيِّ الصَّغير (عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) بالحاء المهملة، ابنِ عبدِ اللهِ الطَّائي، وأبوه حاتمٌ الموصوفُ بالجودِ، أنَّه (قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ) بنَ الخطَّابِ في خلافتِهِ (فِي وَفْدٍ) بفتح الواو وسكون الفاء بعدها دال مهملة من طيئٍ (فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا) من طيِّئ (وَيُسَمِّيهِمْ) بأسمائهم قبل أن يدعوهُ بل قدَّمهُم عليه، وفي روايةِ أحمد: أتيتُ عمرَ في أناسٍ من قومِي، فجعل يُعرِضُ عنِّي فاستقبلتُه (فَقُلْتُ: أَمَا) بتخفيف الميم (تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلَى) أعرفكَ (أَسْلَمْتَ) يا عدي (إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا) أي: حينَ أدبروا (وَوَفَيْتَ) بالتَّخفيفِ، العهد بالإسلامِ والصَّدقة(1) بعدَ النَّبيِّ صلعم (إِذْ) أي: حينَ (غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ) الحقَّ (إِذْ) أي: حينَ (أَنْكَرُوا. فَقَالَ عَدِيٌّ: فَلَا أُبَالِي إِذًا) أي: إذا كنتَ تعرفُ قدرِي فلا أُبالِي إذا قدَّمْتَ عليَّ غيري.
          وقد كان عديٌّ نصرانيًّا، وكان سبب إسلامهِ _كما ذكرهُ ابنُ إسحاقَ_ أنَّ خيلَ النَّبيِّ صلعم أصابَتْ أختَ عديٍّ، وأنَّ النَّبيَّ صلعم مَنَّ عليها فأطلقها بعد أن استعطفتهُ، فقالتْ له: هلكَ الوالدُ وغابَ الوافدُ، فامنُنْ عليَّ مَنَّ الله عليكَ. قال: «ومَن وافدُك؟» قالت: عديُّ ابنُ حاتِم، قال: «الفارُّ من الله ورسولهِ؟» قال(2): فلمَّا قدمَتْ على عديٍّ أشارت عليه بالقدومِ على رسول الله صلعم ، فقدمَ وأسلمَ.
          وفي التِّرمذيِّ: أنَّه لمَّا قدمَ قالوا: هذا عديُّ بنُ حاتمٍ، وكان النَّبيُّ صلعم قال قبل ذلك: «إنِّي لأَرجُو الله ╡ أن يجعلَ يدهُ في يدِي».


[1] في (ب): «الصدق».
[2] «قال»: ليست في (م).