إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا

          4356- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ ”حَدَّثني“ بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) العنزيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بنُ سعيدٍ القطَّان قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بنُ أبي خالدٍ البجليُّ الكوفيُّ، ولأبي ذرٍّ ”عن إسماعيل“ أنَّهُ قال: (حَدَّثَنَا قَيْسٌ) هو ابنُ أبي حازمٍ (قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرٌ ☺ : قَالَ لِي النَّبِيُّ صلعم : أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ) والمرادُ بالرَّاحةِ راحة القلبِ؛ لأنَّهُ ما كان شيء أتعب له(1) ╕ من بقاءِ ما يشركُ به من دون الله (وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثلثة، بوزن جعفر، قبيلةٌ من اليمنِ، ينسبونَ إلى خَثْعم بن أَنْمار _بفتح الهمزة وسكون النون_ ابنِ إِرَاشٍ _بكسر الهمزة وتخفيف الراء وبعد الألف شين معجمة_ ابنِ عَنْزٍ _بفتح العين المهملة وسكون النون بعدها زاي_ (يُسَمَّى الكَعْبَةَ) ولأبي ذرٍّ: ”كعبة“ (اليَمَانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِئَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ) سقطَ «من أحمَسَ» لأبي ذرٍّ (وَكَانُوا) أي: أحمس (أَصْحَابَ خَيْلٍ) أي: لهم ثبات عليها (وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ) صلعم (فِي) ولأبي ذرِّ ”عَلَى“ (صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي) وعند الحاكمِ من حديث البراءِ: فشكَا جريرٌ إلى رسولِ الله صلعم القَلَع _أي: بالقاف ثمَّ اللَّام المفتوحتين، عدمُ الثَّباتِ على السَّرج_ فقال: «ادْنُ مِنِّي» فدَنَا منهُ، فوضعَ يدهُ على رأسهِ، ثمَّ أرسلها على وجههِ وصدرهِ حتَّى بلغَ عانته، ثمَّ وضع يدهُ على رأسهِ وأرسلها على ظهرهِ حتَّى انتهتْ إلى أليتيهِ(2) (وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا) قيل: فيه تقديمٌ وتأخيرٌ؛ لأنَّه لا يكونُ هاديًا حتَّى يكونُ مهديًّا، وقيل: معناهُ(3) كاملًا مكملًا (فَانْطَلَقَ) جريرٌ ومن معه (إِلَيْهَا) إلى ذي الخَلصةِ (فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا) بتشديد الراء، أي: هدمَ بناءَهَا، ورمى النَّارَ في أخشابِهَا (ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) يخبرُه بذلك، وفي السَّابقةِ [خ¦4355] أنَّ جريرًا هو الَّذي أخبرَ النَّبيَّ صلعم بذلكَ، وهو محمولٌ على المجازِ (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا) أي: ذا الخَلَصةِ (كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ) بالجيم والراء والموحدة، أي: سوداءُ من التَّحريقِ، كالجملِ الأجربِ إذا طُليَ بالقَطِرانِ، أو هو كنايةٌ عن إذهابِ بهجتها (قَالَ: فَبَارَكَ) ╕ (فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا‼ خَمْسَ مَرَّاتٍ).
          وهذا الحديثُ سبق في «باب البشارة بالفتوح» من «الجهاد» [خ¦3076].


[1] في (ص): «لقلبه».
[2] في (ص): «أليته».
[3] في (م): «معناها».