إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات

          4329- وبه قال: (حَدَّثَنَا‼ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الدَّورقيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بنُ إبراهيم ابنُ عُلَيَّة قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) عبدُ الملكِ بن عبد العزيزِ قال: (أَخْبَرَنِي) / بالإفراد (عَطَاءٌ) هو ابنُ أبي رباحٍ: (أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ) التَّميميَّ (أَخْبَرَه) ولغير أبي ذرٍّ: بإسقاط الضَّمير (أَنَّ) أباهُ (يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللهِ صلعم حِينَ يُنْزَلُ) بضم الياء وفتح الزاي (عَلَيْهِ) الوحي (قَالَ: فَبَيْنَا) بغير ميم (النَّبِيُّ صلعم بِالجِعْرَانَةِ) بالتخفيف والتشديد (وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ) بضم الهمزة وكسر الظاء المعجمة (مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ) أي: متلطِّخ، وهو صفة «أعرابي» المرفوع، أو خبرُ(1) مبتدأ محذوفٍ، أي: هو متضمِّخٌ (بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ) تلطَّخ (بِالطِّيبِ؟) ولأبي ذرٍّ: ”بطيبٍ“ (فَأَشَارَ عُمَرُ) ☺ (إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ) ليرى النَّبيَّ صلعم حال نزولِ الوحي؛ لتقويةِ الإيمانِ بمشاهدتهِ (فَإِذَا النَّبِيُّ صلعم مُحْمَرُّ الوَجْهِ يَغِطُّ) بكسر المعجمة وتشديد المهملة، يتردَّدُ صوتُ نَفَسهِ كالنَّائم من شدَّة ثقلِ الوحي (كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ) أي: كشفَ عنه ما يتغشَّاه(2) من ثقلِ الوحي (فَقَالَ) ╕ : (أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنَفًا؟ فَالتُمِسَ) بضم التاء وكسر الميم، طُلِب (الرَّجُلُ فَأُتِيَ بِهِ) بضم الهمزة وكسر التاء (فَقَالَ) ╕ : (أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) نصٌّ في تكرارِ الغسلِ ثلاثًا، فالعاملُ في قولهِ: «ثلاثَ مرَّاتٍ» أقربُ الفعلين إليهِ؛ وهو «فاغسلهُ» أو العاملُ فيه: «فقال» أي: قال لهُ ثلاثَ مراتٍ: اغسلْ الثَّوب، فلا يكون تنصيصًا على تثليثِ الغسل، وكانت القصَّة بالجِعْرَانة سنة ثمانٍ، وقد قالت عائشةُ ♦ : طيبْتُه في حجَّةِ الوداعِ، أي: سنة عشر، فهو ناسخٌ للأوَّل (وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا) عنك (ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ) فيه دَلالةٌ على أنَّه يعرفُ أعمال الحجِّ.
          وقد سبقَ هذا الحديث في «كتاب الحج» في: «باب غسل الخلوق» [خ¦1536].


[1] في (س): «خبره».
[2] في (د) و(ب): «يغشاه».