إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لقيت موسى فإذا رجل مضطرب رجل الرأس

          3437- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) أبو إسحاق التَّميميُّ الفرَّاء الرَّازي الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) هو ابن يوسف الصَّنعانيُّ (عَنْ مَعْمَرٍ) هو ابن راشدٍ الأزديِّ.
          (ح) لتحويل السَّند قال: (وَحَدَّثَنِي) بالإفراد (مَحْمُودٌ) هو ابن غيلان قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ)‼ بن همَّامٍ الصَّنعانيُّ _ولفظ الحديث هنا لعبد الرَّزَّاق_ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ) صلعم ولأبي ذرٍّ: ”النَّبيُّ“ ( صلعم : لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ) إلى بيت المقدس، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”بي“ بدل «به» (لَقِيتُ مُوسَى _قَالَ: فَنَعَتَهُ) أي: وصفه_ (فَإِذَا رَجُلٌ) قال عبد الرَّزَّاق بن همَّامٍ: (حَسِبْتُهُ) أي: معمرًا (قَالَ: مُضْطَرِبٌ) أي: طويلٌ غير شديدٍ أو خفيف اللَّحم، وفي رواية هشامٍ في «قصَّة موسى» [خ¦3394] بلفظ: «ضَرْبٌ» وفُسِّر بخفيف(1) اللَّحم، ورجَّح القاضي عياضٌ هذه على الَّتي في هذا الباب لِمَا فيها من الشَّكِّ. قال: وقد وقع في الرِّواية(2) الأخرى: «جسيمٌ» [خ¦3438] وهو ضدُّ الضَّرب، إلَّا أن يُراد بالجسيم الزِّيادة في الطُّول. قال في «الفتح»: وهذا(3) الَّذي يتعيَّن المصير إليه، ويؤيِّده قوله في الرِّواية الآتية بعد هذه _إن شاء الله تعالى_ [خ¦3438]: «كأنَّه من رجال الزُّطِّ» وهم طوالٌ غير غلاظٍ (رَجِلُ) شعر (الرَّأْسِ) مسترسله، وقال ابن السِّكِّيت: شعرٌ رَجِلٌ، إذا لم يكن شديد الجعودة ولا سبطًا (كَأَنَّهُ) لطوله (مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ) بفتح الشِّين المعجمة وضمِّ النُّون وبعد الواو السَّاكنة همزةٌ مفتوحةٌ ثمَّ هاء تأنيثٍ، حيٌّ من اليمن.
          (قَالَ) ╕ : (وَلَقِيتُ عِيسَى _فَنَعَتَهُ) أي: وصفه (النَّبِيُّ صلعم فَقَالَ:_ رَبْعَةٌ) ليس طويلًا ولا قصيرًا، والتَّأنيث على تأويل النَّفس (أَحْمَرُ كَأَنَّمَا(4) خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ) قال عبد الرَّزَّاق: (يَعْنِي: الحَمَّامَ) ولم يقع ذلك في رواية هشامٍ(5) (وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ. قَالَ: وَأُتِيتُ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَبَنٌ) كان القياس أن يقول: فيه لبنٌ، كما قال في اللَّاحق: «فيه خمرٌ» ولكنَّه أراد تكثير اللَّبن، فكأنَّ الإناء انقلب لبنًا (وَالآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ) قبل أن يُحرَّم (فَقِيلَ لِي) القائل جبريل: (خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ لِي) القائل هو أيضًا جبريل: (هُدِيتَ الفِطْرَةَ) الإسلاميَّة (أَو أَصَبْتَ الفِطْرَةَ) بالشَّكِّ من الرَّاوي (أَمَا) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (إِنَّكَ لَو أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ) لأنَّها أمُّ(6) الخبائث وجالبةٌ لكلِّ شرٍّ.
          وهذا الحديث قد سبق في «باب {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:164[خ¦3394] وتأتي بقيَّة مباحثه إن شاء الله تعالى بعون الله في الكلام على الإسراء من السِّيرة النَّبويَّة [خ¦3887].


[1] في (ب): «بنحو خفيف».
[2] «الرِّواية»: ليس في (د).
[3] في (م): «وهو».
[4] في (د) و(ص): «كأنَّه» والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[5] «ولم يقع ذلك في رواية هشام»: ليس في (ص).
[6] في (ل): «من».