إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده

          260- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) بضمِّ الحاء وفتح الميم، ولأبي ذَرٍّ: ”عبد الله بن الزُّبير الحميديُّ“ (قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيَيْنَةَ (قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بن مهران (عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ) ♦ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ) هذا مُجمَلٌ، فَصَّله بقوله: (فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الحَائِطَ) وفي الرِّواية السَّابقة: ”دلك اليد(1) على التُّراب“ [خ¦259] (ثُمَّ غَسَلَهَا) بالماء (ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ) لأنَّ المُفصَّل يعقب المُجمَل، فهو تفسيرٌ لـ «اغتسل»، وإلَّا فغسل الفرج والدَّلك ليسا(2) بعد الفراغ من الاغتسال(3)، وقال العينيُّ: الفاء عاطفةٌ، ولكنَّها للتَّرتيب، أي: المُستفاد من «ثمَّ» الدَّالَّة عليه، قال: والمعنى أنَّه ╕ اغتسل فرتَّب غسله، فغسل فرجه ثمَّ يده ثمَّ توضَّأ، وكون الفاء للتَّعقيب لا يخرجها عن كونها عاطفةً‼، فإن قلت: سياق المؤلِّف لهذا الحديث تكرارٌ لأنَّ حكمه عُلِمَ من السَّابق، أُجيب بأنَّ غرض المؤلِّف بمثله استخراج روايات الشُّيوخ، مثلًا: عمر بن حفصٍ روى الحديث في معرض المضمضة والاستنشاق في الجنابة، والحُميديُّ في معرض مسح اليد بالتُّراب، هذا مع إفادة التَّقوية والتَّأكيد، وحينئذٍ فلا تكرار في سياقه له.
          وهذا الحديث من السُّباعيَّات، وفيه: التَّحديث والعنعنة.


[1] في غير (ص) و(م): «يده».
[2] في (ص) و(م): «ليس».
[3] في (د): «بعد الغسل».