إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته

          3369- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ) الإمام الأعظم، وسقط «ابن أنسٍ» لأبي ذرٍّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) بفتح الحاء المهملة وسكون الزَّاي (عَنْ أَبِيهِ) أبي بكرٍ (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ) بفتح العين كالسَّابق، و«سُلَيم» بضمِّ السِّين مصغَّرًا (الزُّرَقِيِّ) بضمِّ الزَّاي وفتح الرَّاء بعدها قافٌ مكسورةٌ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو حُمَيْدٍ) عبد الرَّحمن (السَّاعِدِيُّ ☺ : أَنَّهُمْ) أي: الصَّحابة ♥ (قَالُوا) ولأبي الوقت وابن عساكر: ”أنَّه“ أي: أبا حُميدٍ السَّاعديَّ ”قال“: (يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) صلاةً تليق به (وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ) نسله أولاد بنته فاطمة ♦ صلاةً تليق بهم (كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ(1) إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وعند ابن ماجه: «كما باركت على آل إبراهيم في العالمين» ولفظ «الآلُ» مقحَمٌ، والمعنى: كما سبقت منك الصَّلاة على إبراهيم نسألك الصَّلاة على سيِّدنا(2) محمَّدٍ بطريق الأَولى‼، وبهذا التَّقرير(3) يندفع الإيراد المشهور، وهو أنَّ مِن شَرْطِ التَّشبيه أن يكون المشبَّه به أقوى، والحاصل من الجواب: أنَّ التَّشبيه هنا ليس من باب إلحاق الكامل بالأكمل، بل من باب(4) التَّهييج ونحوه، والمراد بالبركة النُّموُّ والزِّيادة من الخير والكرامة، أو التَّطهير من العيوب والتَّزكية، أو المراد: ثبات ذلك ودوامه واستمراره، من قولهم: بركت الإبل، أي(5): ثبتت على الأرض، وبه جزم أبو اليُمْنِ ابنُ عساكر فيما حكاه شيخنا، فقال: «وبارك» أي: فأثبت وأَدِمْ لهم ما أعطيتهم من الشَّرف والكرامة. قال شيخنا: ولم يصرِّح أحدٌ بوجوب قوله: «وبارك على محمَّدٍ» فيما عثرنا عليه، غير أنَّ ابن حزمٍ ذكر ما يُفهِم وجوبها في الجملة، فقال: على المرء أن يُبارك عليه ولو مرَّةً في العمر، وأن يقولها بلفظ خبر أبي(6) مسعودٍ أو أبي(7) حُمَيدٍ أو كعبٍ. وظاهر كلام صاحب «المغني» من الحنابلة: وجوبها في الصَّلاة، فإنَّه قال: وصفة الصَّلاة كما ذكرها الخِرَقِيُّ، والخِرَقِيُّ إنَّما ذكر ما اشتمل عليه حديث كعبٍ، ثمَّ قال: وإلى هنا انتهى الوجوب. والظَّاهر: أنَّ أحدًا من الفقهاء لا يوافق على ذلك، قاله المجد الشِّيرازيُّ.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «الدَّعوات» [خ¦6360]، ومسلمٌ في «الصَّلاة»، وكذا أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] «آل»: سقط من (د)، وكذا في الموضع اللَّاحق، والمثبت موافق لليونينية.
[2] «سيدنا»: ليس في (د).
[3] في (م): «التقدير».
[4] «باب»: ليس في (د).
[5] «أي»: ليس في (د).
[6] في غير (د): «ابن»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[7] «أبي»: سقط من غير (د).