إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي قال للوزغ الفويسق

          3306- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) هو سعيد بن كثير بن عُفَيرٍ الأنصاريُّ مولاهم البصريُّ، نسبه لجدِّه لشهرته به (عَنِ ابْنِ وَهْبٍ) عبد الله أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (يُونُسُ) بن يزيد (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير (يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ لِلْوَزَغِ) بفتح الواو والزَّاي جمع وزَغةٍ، ويُجمَع أيضًا على: أوزاغٍ ووُِزْغانٍ♣ ووزاغٍ وإزغانٍ، وهو(1) السَّامُّ الأبرص، وسُمِّيت بذلك، لخفَّتها وسرعة حركتها، واللَّام في قوله «للوزغ» بمعنى: عن، أي: قال عن الوزغ: (الفُوَيْسِقُ) مُصغَّرًا للذَّمِّ والتَّحقير، وأصل الفسق: الخروج، ووُصِفت هذه بالفسق _كالمذكورين(2) في الحديث الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى [خ¦3314]_ لخروجها عن معظم غيرها من الحشرات بالإيذاء والإفساد. قالت عائشة: (وَلَمْ / أَسْمَعْهُ) صلعم (أَمَرَ بِقَتْلِهِ) لا حجَّة فيه؛ إذ لا يلزم من عدم سماعها عدم وقوعه، فقد سمعه غيرها، بل جاء عنها من وجهٍ آخر عند الإمام أحمد وابن ماجه: «أنَّه كان في بيتها رُمحٌ موضوعٌ، فسُئِلت عنه(3) فقالت: نقتل به الوزغ، فإنَّ النَّبيَّ صلعم أخبرنا: أنَّ إبراهيم ◙ لمَّا أُلقِي في النَّار لم يكن في الأرض دابَّةٌ إلَّا أطفأت عنه النَّار إلَّا الوزغ، فإنَّها كانت تنفخ عليه، فأمر النَّبيُّ صلعم بقتلها» لكن قال الحافظ ابن حجرٍ: والَّذي في «الصَّحيح» أصحُّ، ولعلَّ عائشة سمعت ذلك من بعض الصَّحابة، وأطلقت لفظ: «أخبرنا» مجازًا، أي: أخبر الصَّحابة. قال عروة أو عائشة أو الزُّهريُّ. (وَزَعَمَ) أي: قال (سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) ☺ : (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَمَرَ بِقَتْلِهِ) فعلى القول بأنَّ عروة هو القائل يكون متَّصلًا، لأنَّ عروة سمع من سعدٍ‼، وعلى الثَّاني يكون من رواية القرين عن قرينه، وعلى القول بأنَّه الزُّهريُّ يكون منقطعًا(4)، قاله في «الفتح» مرجِّحًا للأخير بأنَّ الدَّارقطنيَّ أخرجه في «الغرائب» من طريق ابن وهبٍ، عن يونسَ ومالكٍ معًا، عن ابن شهابٍ عن عروة عن عائشة: «أنَّ النَّبيَّ(5) صلعم قال للوزغ: فويسقٌ» وعن ابن شهابٍ عن سعد بن أبي وقَّاصٍ: «أنَّ رسول الله صلعم أمر بقتل الوزغ» وقد أخرج مسلمٌ والنَّسائيُّ وابن ماجه وابن حبَّان حديث عائشة من طريق ابن وهبٍ، وليس عندهم حديث سعدٍ، وأخرج مسلمٌ وأبو داود وأحمد وابن حبَّان من طريق مَعْمَرٍ عن الزُّهريِّ عن عامر بن سعدٍ عن أبيه: «أنَّ النَّبيَّ صلعم أمر بقتل الوزغ، وسمَّاه فويسقًا» فكأنَّ الزُّهريَّ وصله لمعمرٍ، وأرسله ليونس، قال: ولم أرَ من نبَّه على ذلك من الشُّرَّاح ولا من أصحاب الأطراف، فللهِ الحمد. انتهى. ورجَّح العينيُّ احتمال كون عائشة هي القائلة، وزعم أنَّه(6) بمقتضى التَّركيب، ونقل الدَّميريُّ: أنَّ أصحاب الآثار ذكروا: أنَّ الوزغ أصمُّ، وأنَّ السَّبب في صممه ما تقدَّم من نفخه النَّار على إبراهيم، فصُمَّ لذلك وبرص.
          وهذا الحديث سبق في «باب ما يقتل المُحْرِم من الدَّوابِّ» [خ¦1831] من «كتاب الحجِّ».


[1] في (ب) و(س): «وهي».
[2] في (د): «كالمذكور».
[3] «عنه»: ليس في (ص) و(م).
[4] في (د): «معلَّقًا».
[5] في (د): «رسول الله».
[6] «أنَّه»: مثبتٌ من (د).