إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خطبنا علي فقال: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله

          3172- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (مُحَمَّدٌ) هو ابن سلامٍ _كما قاله ابن السَّكن_ قال: (أَخْبَرَنَا)(1) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (وَكِيعٌ) هو ابن الجرَّاح (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان ابن مهران (عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ) يزيد بن شريكٍ التَّيميِّ، تيم الرَّباب أنَّه (قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ) هو ابن أبي طالبٍ (فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ) في أحكام الشَّريعة (نَقْرَؤُهُ) بضمِّ الهمزة (إِلَّا كِتَابُ اللهِ) زاد أبو ذرٍّ: ”تعالى“ (وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَقَالَ: فِيهَا الجِرَاحَاتُ) أي: أحكامها (وَأَسْنَانُ الإِبِلِ) أي: إبل الدِّيات مُغلَّظةً ومُخفَّفةً (وَالمَدِينَةُ حَرَامٌ) يحرم صيدها ونحوه (مَا بَيْنَ عَيْرٍ) بفتح العين المُهمَلة وبعد التَّحتيَّة السَّاكنة راءٌ مُنوَّنةٌ، جبلٍ (إِلَى كَذَا) قيل: جبل أُحُدٍ (فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا) في المدينة (حَدَثًا) بفتح الحاء والدَّال والمُثلَّثة، أمرًا مُنكَرًا ليس معروفًا في السُّنَّة، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي: ”حدثةً“ (أَوْ آوَى فِيهَا مُحْدِثًا) بمدِّ «آوى» في اللَّازم والمتعدِّي جميعًا، لكنَّ القصرَ في اللَّازم والمدَّ في المتعدِّي أشهرُ، و«مُحدِثًا» بكسر الدَّال، أي: صاحب الحدث(2)‼ الَّذي جاء ببدعةٍ في الدِّين، أو بدل سنَّةٍ (فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) والمراد باللَّعنة: البعدُ عن رحمة الله والجنَّة أوَّل الأمر، بخلاف الكفَّار فإنَّها البعدُ(3) منها(4) كلَّ البعد(5) أوَّلًا وآخرًا (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ) أي: فريضةٌ ولا نفلٌ، وقيل غير ذلك، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”لا يقبل منه الله صَرْفًا ولا عدلًا“ (وَمَنْ تَوَلَّى) أي: اتَّخذ أولياء أو موالي (غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ) الَّذي على من أحدث فيها (وَذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ) وهذا مناسبٌ لصدر التَّرجمة، وأمَّا قوله فيها: «يسعى بذمَّتهم أدناهم» فأشار به إلى ما في طريق سفيان عن الأعمش في «باب إثم من عاهد ثمَّ غدر» [خ¦3179] من ذكرها ثَمَّ(6)، وعند الإمام أحمد وعند ابن ماجه عن ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يدٌ على من سواهم، يسعى بذمَّتهم أدناهم» (فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا(7)) بهمزةٍ مفتوحةٍ فخاءٍ مُعجَمةٍ ساكنةٍ وبعد الفاء المفتوحة راءٌ، أي: فمن نقض عهد مسلمٍ(8) (فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ) الوعيد المذكور في حقِّ من أحدث في المدينة حدثًا.
          وهذا الحديث قد سبق في «باب حَرَم المدينة» [خ¦1870].


[1] قوله: «ولأبي ذرٍّ... قال: أخبرنا»: سقط من (م).
[2] زيد في (م): «أي».
[3] في (د1) و(ص): «أبعد».
[4] في (ب): «منهما»، وفي (س): «عنهما».
[5] في (د1) و(ص): «الإبعاد».
[6] في (ب): «ثَمَّة».
[7] «مسلمًا»: سقط من (م).
[8] زيد في (م): «مسلمًا».