إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود

          3018- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى) بضمِّ الميم وتشديد اللَّام المفتوحة، ولغير أبي ذرٍّ: ”بن أسدٍ“ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضمِّ الواو وفتح الهاء، ابن خالدٍ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) بكسر القاف، عبد الله بن زيدٍ الجرميِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ / أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ) بضمِّ العين وسكون الكاف: قبيلةٌ معروفةٌ (ثَمَانِيَةً) نصبٌ بدلًا من «رهطًا» أو بيانًا له (قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ) بالجيم السَّاكنة وفتح المثنَّاة والواو الأولى، من الاجتواء، أي: كرهوا الإقامة بها، أو لم يوافقهم طعامها (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْغِنَا رِسْلًا) بكسر الرَّاء وسكون السِّين المهملة، أي: اطلب لنا لبنًا (قَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”فقال“: (مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلَّا أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ) بفتح الذَّال المعجمة، آخره مهملةٌ، ما بين الثَّلاثة(1) إلى العشرة من الإبل (فَانْطَلَقُوا، فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا) وللإسماعيليِّ من رواية ثابتٍ: ورجعت إليهم(2) ألوانهم (وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ) يسارًا غلامَه ╕ (وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ) افتعال من السَّوق وهو السَّير العنيف (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ صلعم ) بالصَّاد المهملة والخاء المعجمة، فعيلٌ بمعنى: فاعل، أي: صوت المستغيث (فَبَعَثَ) ╕ ‼ (الطَّلَبَ) في آثارهم، وفي حديث سلمة ابن الأكوع: خيلًا من المسلمين، أميرُهم كُرْز بن جابرٍ الفهريُّ، ولمسلمٍ من رواية معاوية بن قرَّة عن أنسِ بن مالك(3): أنَّهم شبابٌ من الأنصار، قريبٌ من عشرين رجلًا، وبعث معهم قائفًا يقتصُّ آثارهم (فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ) بالجيم، أي: ارتفع (حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ) بضمِّ الهمزة وكسر المثنَّاة الفوقيَّة إليه ╕ (فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ) بتشديد الطَّاء في «اليونينيَّة»(4)، أي: أمر بها فقُطعَت، وظاهره: أنَّه قطع يدي(5) كلِّ واحدٍ ورجليه، لكن يردُّه رواية التِّرمذيِّ: من خلافٍ، وللمؤلِّف من رواية الأوزاعيِّ [خ¦6802] لم يحسمهم، أي: لم يكوِ ما قطع منهم بالنَّار لينقطع الدَّم، بل تركهم ينزفون (ثُمَّ أَمَرَ) ╕ (بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ) بضمِّ الهمزة رباعيَّا وهو المعروف في اللُّغة (فَكَحَلَهُمْ بِهَا) بالتَّخفيف، أي: أمر بذلك، وفي روايةٍ: ”فأُكْحِلُوا“ بهمزةٍ مضمومةٍ وكسر الحاء، وإنَّما(6) فعل ذلك بهم لما في رواية التَّيميِّ: أنَّهم كانوا فعلوا بالرِّعاء مثل ذلك، وعليه ينزل تبويب البخاريِّ، ولولا ذلك؛ لم يكن ثَمَّ مناسبةٌ، وقيل: إنَّه منسوخٌ(7) بآيةِ المائدة: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ} الاية[المائدة:33] قاله الشَّافعيُّ (وَطَرَحَهُمْ بِالحَرَّةِ) بالحاء والرَّاء المهملتَين: أرضٌ ذات حجارةٍ سودٍ معروفة بالمدينة (يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا) استُشكِل: بأنَّ الإجماع _كما قاله القاضي_ أنَّ من وجب قتله فاستسقى يُسقى. وأُجيبَ: بأنَّه ليس في الحديث ما يدلُّ على أنَّه صلعم أمر بذلك، ولا أذن فيه، أو أنَّهم بارتدادهم لم يكن لهم حرمةٌ، ولذلك قال أصحابنا: من معه ماءٌ يحتاج إليه لعطشٍ وهناك مرتدٌّ لو لم يسقه مات؛ يتوضَّأ به، ولا يسقيه، بخلاف الذِّمِّيِّ والبهيمة.
          (قَالَ أَبُو قِلَابَةَ) عبد الله: (قَتَلُوا، وَسَرَقُوا) لأنَّهم أخذوا اللِّقاح من حِرْز مثلها، وهذا أخذه أبو قلابة استنباطًا، لكنَّه نوزع فيه: بأنَّ هذه ليست سرقةً، وإنَّما هي حرابةٌ (وَحَارَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ صلعم ، وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا).


[1] في غير (د): «الثَّلاث» وليس بصحيحٍ.
[2] «إليهم»: ليس في (د).
[3] «بن مالكٍ»: مثبتٌ من (م).
[4] قوله: «بتشديد الطاء في اليونينية» سقط من (د1) و(ص).
[5] في (د1) و(م): «يد».
[6] «وإنَّما»: ليس في (د).
[7] في (د): «إنَّها منسوخةٌ».