إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي

          2920- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) هو ابن يحيى العوذيُّ (عَنْ قَتَادَةَ) بن دعامة (عَنْ أَنَسٍ) ☺ .
          وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ) بكسر السِّين وتخفيف النُّون، العَوَقِيُّ _بفتح العين المهملة والواو وبالقاف المكسورة_ كان ينزل العوقة، وهم بطنٌ من عبد القيس(1)، فنُسِبَ إليهم قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) العوذيُّ (عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ ☺ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ) بن العوَّام (شَكَوَا) بالواو، ولأبي ذرٍّ(2) والأَصيليِّ(3): ”شكيا“ بالياء(4)، وصوَّب ابن التِّين الأوَّل(5)؛ لأنَّ لام الفعل منه واوٌ كـ {دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا}[الأعراف:189] وأُجيبَ: بأنَّ في «الصِّحاح» يقال: شكيت وشكوت. (إِلَى النَّبِيِّ صلعم يَعْنِي: القَمْلَ) وكأنَّ الحكَّة نشأت عن أثر القمل، فنُسِبَت العلَّة إلى السَّبب أو العلَّة بأحد الرَّجلين (فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي) لبس (الحَرِيرِ) بهمزةٍ مفتوحةٍ فراءٍ ساكنةٍ، قال أنسٌ: (فَرَأَيْتُهُ) بالهاء، ولأبي ذَرٍّ: ”فرأيت“ (عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ).
          والظَّاهر أنَّ المؤلِّف أخذ قوله في التَّرجمة: «في الحرب» من قوله هنا: «في غزاةٍ» وقد أجاز الشَّافعيُّ وأبو يوسف استعمال الحرير للضَّرورة؛ كفجأة حربٍ(6) ولم يجد غيره. ومنعه مالكٌ وأبو حنيفة مطلقًا، ولعلَّ الحديث لم يبلغهما. ونقل ابن حبيبٍ من المالكية(7) عن ابن الماجشون: استحباب(8) لبس الحرير في الجهاد، والصَّلاة به(9) حينئذٍ إرهابًا للعدوِّ، ولقذف الرُّعب والخشية في قلوبهم، ولذا رخَّص في الاختيال في الحرب، وقد قال ╕ لأبي دجانة وهو يتبختر في مشيته: «إنَّها لمشيةٌ يبغضها الله إلَّا في هذا الموطن».


[1] في (د): «قيس»، وليس بصحيحٍ.
[2] «ولأبي ذرٍّ»: سقط من (م).
[3] في (م): «وللأصيليِّ».
[4] «بالياء»: ليس في (د).
[5] في (د) و(م): «الأولى».
[6] في (م): «الحرب».
[7] «من المالكيَّة»: مثبتٌ من (م).
[8] في (د): «استعمال» وليس بصحيحٍ.
[9] في (د) و(م): «فيه».