إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب التحريض على الرمي

          ░78▒ (بابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْيِ) بالسِّهام (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى)‼ بالجرِّ عطفًا على «التَّحريضِ» ولأبي ذَرٍّ: ”╡“ بدل قوله «تعالى»: ({وَأَعِدُّواْ}) أيُّها المؤمنون ({لَهُم}) لناقضي العهد أو الكفَّار(1) ({مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}) من كلِّ ما يُتقوَّى به في الحرب، وفي حديث «مسلمٍ» عن عقبة بن عامرٍ مرفوعًا: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} «ألا إنَّ القوَّة الرَّمي» قالها ثلاثًا. وخصَّه ╕ بالذِّكر لأنَّه أقواه. قاله البيضاويُّ كالزَّمخشريِّ، وتعقَّبه الطِّيبيُّ بأنَّ تفسير النَّبيِّ صلعم القوَّة بالرَّمي يخالف ما ذكره؛ ولأنَّ {مَّا} في قوله تعالى: {مَّا اسْتَطَعْتُم} موصولةٌ، والعائدُ محذوفٌ، و{مِّن قُوَّةٍ} بيانٌ له، فالمراد بها: نفس القوَّة، وفي هذا البيان والمبيَّن إشارةٌ إلى أنَّ هذه العُدَّة لا تثبت(2) بدون المعالجة والإدمان الطَّويل، وليس شيءٌ من عُدَّة الحرب وأداتها أحوج إلى المعالجة والإدمان عليها، مثل القوس والرَّمي بها، ولذلك كرَّر ╕ تفسير القوَّة بالرَّمي ({وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ}) أي: الَّذي تُربَط في سبيل الله تعالى، فِعَالٌ بمعنى: مفعول، وعطفها على القوَّة من عطف الخاصِّ على العامِّ، كعطف جبريل وميكائيل على الملائكة ({تُرْهِبُونَ بِهِ}) تخوِّفون به ({عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال:60]) يعني: كفَّار مكَّة.


[1] في (د): «أو للكفَّار».
[2] في (ب) و(س) و(ص): «تستثبت».