إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته

          2781- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ) بالسِّين المهملة وبعد الألف موحَّدةٌ ثمَّ قافٌ، أبو جعفر التَّميميُّ مولاهم البغداديُّ البزَّاز(1) الفارسيُّ الأصل ثمَّ الكوفيُّ (أَوِ(2) الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ) الرُّخاميُّ _بالخاء المعجمة_ البغداديُّ (عَنْهُ) أي: عن(3) محمَّد بن سابقٍ / والشَّكُّ من المؤلِّف، وقد روى عن(4) ابن سابق بواسطةٍ في أوَّل حديثٍ يلي هذا الباب [خ¦2782]، وفي «المغازي» [خ¦4189] و«النكاح» [خ¦5162](5) و«الأشربة» [خ¦5579] ولم يروِ عنه بغير واسطةٍ إلَّا في هذا الموضع مع التَّردُّد في ذلك، قال: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) هو ابن عبد الرَّحمن (أَبو مُعَاوِيَةَ) النَّحوي البصريُّ ثمَّ الكوفيُّ (عَنْ فِرَاسٍ) بكسر الفاء وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف سينٌ مهملةٌ، ابن يحيى الهَمْدانيِّ الحارثيِّ الكوفيِّ أنَّه (قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ) عامر بن شراحيل: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ ☻ : أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ) سنة ثلاثٍ (وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا) ليهوديٍّ وغيره (فَلَمَّا حَضَرَ جَدَادُ النَّخْلِ) بفتح الجيم وبدالَين مهملتَين، أي: أوان قطع ثمرتها، ولأبي ذرٍّ: ”فلما حضره جِذاذ النَّخل“ بضمير المفعول، و«جِذاذ»: بذالَين معجمتَين وكسر الجيم، يقال: جذذت الشَّيء، أي: كسرته وقطعته (أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الغُرَمَاءُ قَالَ: اذْهَبْ فَبَيْدِرْ) بفتح الموحَّدة وسكون التَّحتيَّة وكسر الدَّال المهملة، أمرٌ من: بيدرَ يبيدرُ، أي: اجعل(6) كلَّ صنفٍ في بيدرٍ، أي: جرين يخصُّه، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي: ”فبادرْ“ (كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةِ. فَفَعَلْتُ) ذلك (ثُمَّ دَعَوْتُ) رسول الله صلعم ، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”دعوته“ ، وله عن الكُشْمِيهَنِيِّ: ”فدعوته“ بالفاء بدل «ثمَّ» (فَلَمَّا(7) نَظَرُوا) أي: الغرماء (إِلَيْهِ) ╕ (أُغْرُوا) بضمِّ الهمزة وسكون الغين المعجَمة وبالرَّاء المهملة مبنيًّا لما لم يُسمَّ فاعله، أي: لهجوا (بِي) وقال في «النِّهاية»: لجُّوا في مطالبتي وألحُّوا عليَّ (تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى) ╕ (مَا يَصْنَعُونَ) بي (أَطَافَ) بالهمزة قبل الطَّاء، ولأبي ذرٍّ: ”طاف“ بإسقاطها (حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ أَصْحَابَكَ) أي: غرماء أبيك، فدعوتهم (فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ) من ذلك البيدر (حَتَّى أَدَّى اللهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَأَنَا وَاللهِ رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّيَ اللهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي) السِّتَّة (بِتَمْرَةٍ) بمثنَّاةٍ فوقيَّةٍ بعد الموحَّدة وسكون الميم، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”تمرة“ بإسقاط الموحَّدة (فَسَلِمَ‼ وَاللهِ البَيَادِرُ كُلُّهَا حَتَّى أَنِّي) بفتح الهمزة (أَنْظُرُ إِلَى البَيْدَرِ الَّذِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلعم كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً).
          (قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ) أي: البخاريّ في تفسير قوله: (أَغْرَوا بِي، يَعْنِي: هِيْجُوا بي) بكسر الهاء وسكون التَّحتيَّة ({فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء}[المائدة:14]) قال أبو عبيدة في «المجاز»: الإغراء: التَّهييج والإفساد، وسقط قوله: «قال أبو عبد الله...» إلى آخره للحَمُّويي والكُشْمِيهَنِيِّ، وثبت للمُستملي وحده، والله أعلم.
          وقد سبق حديث الباب غير مرَّةٍ. منها في «الصُّلح» [خ¦2709] و«الاستقراض» [خ¦2405] و«الهبة» [خ¦2601] ويأتي إن شاء الله تعالى في «علامات النُّبوَّة» [خ¦3580].


[1] في (د1) و(س) و(م): «البزَّار» وهو تصحيفٌ.
[2] في (ب): «و».
[3] «عن»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[4] في (ب): «عنه».
[5] «والنِّكاح»: سقط من (م).
[6] في (ص): «يجعل».
[7] في (م): «ثم». وكذا في (ج)، وكتب على هامشها: «ثمَّ» كذا بخطِّه، والَّذي في «الفرع المزِّيِّ»: فلمَّا نظروا.