إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة

          2647- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ) بالمثلَّثة، أبو عبد الله العبديُّ البصريُّ، وثَّقه أحمد، وروى له المؤلِّف ثلاثة أحاديث في «العلم» [خ¦90] و«البيوع» [خ¦2052] و«التَّفسير» [خ¦4626] تُوبع عليها قال: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) الثَّوري (عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ) بالشِّين المعجمة والمثلَّثة والعين المهملة فيهما والأخيرُ ممدود (عَنْ أَبِيهِ) أبي الشَّعثاء سليم بن الأسود (عَنْ مَسْرُوقٍ) هو ابن الأجدع (أَنَّ عَائِشَةَ ♦ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلعم وَعِنْدِي رَجُلٌ) الواو للحال، وأخو عائشة هذا لا أعرف اسمه، وقول الجلال البلقينيِّ فيما نقله عنه في «المصابيح»: إنَّه وجد بخط مغلطاي على حاشية «أسد الغابة» ما يدلُّ على أنَّه عبد الله بن يزيد. تعقَّبه في مقدِّمة «فتح الباري»: بأنَّه غلط؛ لأنَّه تابعيٌّ. انتهى. يعني: وهذا صحابيٌّ؛ لأنَّه صلعم رآه بلا ريب عند عائشة. نعم، عبد الله التَّابعي هذا المذكور أخوها من الرَّضاعة كما صُرِّح به في رواية مسلم في «الجنائز»، وكثير بن عبد الله(1) الكوفيُّ أخوها أيضًا، كما عند المؤلِّف في «الأدب المفرد» و«سنن أبي داود» وسبق التَّنبيه على ذلك في «باب الغسل بالصَّاع» [خ¦251].
          (قَالَ) ╕ ، ولأبي ذَرٍّ: ”فقال“ : (يَا عَائِشَةُ، مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَ: يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ) بهمزة وصل وضمِّ الظَّاء المعجمة من النَّظر بمعنى: التَّفكُّر والتَّأمُّل (مَنْ إِخْوَانُكُنَّ؟) استفهام (فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ) الفاء تعليليَّة لقوله: «انظرن من إخوانكنَّ» أي: ليس كلُّ من أُرضِعَ لبن أمهاتكنَّ(2) يصير أخاكنَّ، بل شرطه أن يكون (مِنَ المَجَاعَةِ) بفتح الميم(3) من الجوع، أي: أنَّ الرَّضاعة المعتبرة في المحرميَّة شرعًا ما كان فيه تقويةٌ للبدن، واستقلال بسدِّ الجوع، وذلك إنَّما يكون في حال الطفوليَّة قبل الحولين، كما سيأتي إن شاء الله تعالى تقريره في بابه بعون الله وقوَّته. /
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «النِّكاح» [خ¦5102]، وكذا مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه.
          (تَابَعَهُ) أي: تابع محمَّدَ بنَ كثيرٍ (ابْنُ مَهْدِيٍّ) عبد الرَّحمن _بفتح الميم_ في روايته الحديث فيما وصله مسلم وأبو يَعلى (عَنْ سُفْيَانَ) الثَّوريِّ، ثمَّ إنَّ المطابقة بين التَّرجمة والأحاديث المسوقة في بابها مستفادٌ منها، فأمَّا النَّسب، فمن أحاديث الرَّضاعة، فإنَّه مِن لازمه(4)، وأما الرَّضاعة فبالاستفاضة، وأمَّا الموت القديم فبالإلحاق، قاله ابن المُنَيِّر‼، والله أعلم.


[1] اسم الجلالة سقط من (م).
[2] في (ص) و(م) و(ل): «أمِّها».
[3] في (د): «الجيم» وهو تحريفٌ.
[4] في (د): «لأنَّه من لوازمه».