إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إني رأيت على بابها سترًا موشيًا

          2613- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) أي: ابن أبي الحسين الحافظَ (أَبُو جَعْفَرٍ) الكوفيُّ نزيل فَيْد _بفتح الفاء وسكون التَّحتيَّة، آخره دالٌ مهملة_ بلدٌ بين بغداد ومكة، وقال الحافظ ابن حَجَر: يحتمل عندي أن يكون هو أبو جعفر القُوْمسيَّ الحافظ المشهور، فقد أخرج عنه البخاريُّ حديثًا غير هذا في «المغازي»، وإنما جوَّزت ذلك لأنَّ المشهور في كنية الفَيْديِّ أبو عبد الله، بخلاف القَوْمسيِّ، فكنيته أبوجعفر بلا خلاف، وبالأوَّل جَزَم الكَلاباذيُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ) محمَّد (عَنْ أَبِيهِ) فُضَيل بن غَزْوان (عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ) أنَّه (قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلعم بَيْتَ فَاطِمَةَ بِنْتَهُ) ♦ ، وسقط قوله «بنته» في كثير من النُّسخ (فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا) زاد في رواية ابن نُمَير عن فُضَيل عند أبي داود وابن حِبَّان: «قال: وقلّما يدخل إلَّا بإذنها» (وَجَاءَ عَلِيٌّ) زوجها ☻ ، زاد ابن نُمَير: «فرآها مهتمَّةً» (فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ) الَّذي وقع منه ╕ من عدم دخوله عليها (فَذَكَرَهُ) عليٌّ (لِلنَّبِيِّ صلعم ) وفي رواية ابن نُمَير: «فقال: يا رسول الله، اشتدَّ عليها أنَّك جئت فلم تدخل عليها» (قَالَ) ╕ : (إِنِّي رَأَيْتُ‼ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا) بفتح الميم وسكون الواو وكسر المعجمة وبعدها تحتيَّة، أي: مخطَّطًا بألوان شتًّى (فَقَالَ) ╕ : (مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، فَأَتَاهَا عَلِيٌّ) ☺ (فَذَكَرَ ذَلِكَ) الَّذي قاله ╕ (لَهَا، فَقَالَتْ: لِيَأْمُرْنِي) بالجَزْم على الأَمْر (فِيهِ) أي: في السِّتْر (بِمَا شَاءَ، قَالَ) ╕ لمَّا بلغه قولها: «ليأمرْني فيه بما شاء» (تُرْسِلُ بِهِ) أي: بالسِّتر الموشَّى، و«ترسلُ»: بضمِّ اللَّام، أي: فاطمة، ولأبي ذرٍّ: ”تُرسلي“ بحذف النُّون، على لغةٍ. وقال في «المصابيح»: فيه شاهدٌ على حذف لام الأمر، وبقاء عملها، مثل قوله:
محمَّدُ تَفْدِ نفسَك كلُّ نفسٍ                     إذا ما خِفْتَ من أمرٍ تبالا
          ويحتمل وهو الأَوْلى: أنْ يخرَّج على حذف «أنْ» النَّاصبة وبقاء عملها، أي: آمركِ أن ترسلي به (إِلَى فُلَانٍ، أَهْلِ بَيْتٍ) بالهاء والجرِّ بَدَلٌ من سابقه، وفي نسخةٍ: ”آلِ“ بهمزة ممدودة وإسقاط الهاء (بِهِمْ حَاجَةٌ) وليس سِتْرُ الباب حرامًا، لكنَّه صلعم كَرِه لابنته ما كره لنفسه من تعجيل الطَّيبات، قال الكرْمانيُّ: أو لأنَّ فيه صورًا ونقوشًا.
          وهذا الحديث أخرجه أبو داود في «اللِّباس».