إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عبد الله بن زيد في وصف وضوء النبي وفيه أنه أفرغ

          191- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) بالسِّين وفتح الدَّال المُشدَّدة المُهمَلتين (قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن عبد الرَّحمن الواسطيُّ، أبو الهيثم(1) الطَّحَّان، المتصدِّق بزنة بدنه فضَّةً ثلاث مرَّاتٍ فيما حُكِيَ، المُتوفَّى سنة تسعٍ(2) وسبعين ومئةٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى) بفتح العَيْن، المازنيُّ الأنصاريُّ (عَنْ أَبِيهِ) يحيى بن عُمَارة (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ) الأنصاريِّ (أَنَّهُ) أي: أنَّ عبد الله بن زيدٍ (أَفْرَغَ) أي: صبَّ الماء (مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ) أي: فمه(3) (أَوْ مَضْمَضَ) شكٌّ مِنَ الرَّاوي، قال في «الفتح»: والظَّاهر أنَّه من شيخ البخاريِّ، وأخرجه مسلمٌ بغير شكٍّ (وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفَّةٍ) بفتح الكاف وضمِّها آخره هاء تأنيثٍ، كغَرفةٍ وغُرفةٍ، أي: من حفنةٍ (وَاحِدَةٍ) فاشتقَّ ذلك من اسم «الكفِّ» عبارةً عن ذلك المعنى، ولا يُعرَف في كلام العرب إلحاق / هاء التَّأنيث في «الكفِّ» قاله ابن بطَّالٍ، وهي رواية أبي ذَرٍّ، وقال ابن التِّين: اشتقَّ ذلك من اسم «الكفِّ»، فسمَّى(4) الشَّيء باسم ما كان فيه، وعنِ الأَصيليِّ فيما رأيته بهامش فرع «اليونينيَّة»: صوابه: ”من كفٍّ واحدٍ“، وفي رواية ابن عساكر: ”من كفٍّ واحدةٍ“ لكن كتب بإزائه: صوابه(5): ”من كفٍّ واحدٍ“‼ بتذكيرهما، وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”غرفةً“ كما في الفرع، وقال ابن حجرٍ: وفي نسخةٍ، أي: من مرويِّ أبي ذَرٍّ: ”غرفةً واحدةً“ (فَفَعَلَ ذَلِكَ) أي: المضمضة والاستنشاق (ثَلَاثًا) من غرفةٍ واحدةٍ، وهذه إحدى الكيفيَّات الخمس(6) السَّابقة، وتحصل السُّنة _كما مرَّ_ بفعل أيِّها حصل. نعم، الأظهر(7) تفضيل الجمع بثلاث غرفاتٍ يتمضمض من كلٍّ، ثمَّ يستنشق كما(8) سبق(9) (فَغَسَلَ(10) يَدَيْهِ إِلَى) أي: معَ (المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَا أَقْبَلَ) أي(11): منها (وَمَا أَدْبَرَ) منها مرَّةً واحدةً (وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى) أي: معَ (الكَعْبَيْنِ) وسقط هنا ذكر غسل الوجه، وقد أخرج هذا الحديث المذكور مسلمٌ والإسماعيليُّ، وفيه بعد ذكر «المضمضة والاستنشاق»: «ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا»، فدلَّ على أنَّ الاختصار من مُسدَّدٍ، كما تقدَّم أنَّ الشَّكَّ منه (ثُمَّ قَالَ) عبد الله بن زيد بعد أن فرغ من وضوئه: (هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلعم ).
          ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصريٍّ وواسطيٍّ ومدنيٍّ، وفيه: فعل الصَّحابيِّ، ثمَّ إسناده إلى النَّبيِّ صلعم ، والتَّحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف _كما مرَّ_ في خمسة مواضع [خ¦140] [خ¦159] [خ¦164] [خ¦185] [خ¦186]، ومسلمٌ.


[1] في (ص): «الهيثميُّ».
[2] في (ب) و(س): «سبع»، وهو تحريفٌ.
[3] في (ب) و(س): «فيه».
[4] في (ص): «سمَّى».
[5] «صوابه»: سقط من (م).
[6] في (ج): «الخمسة».
[7] في (م): «الأفضل».
[8] في (د): «لِما».
[9] في (م): «مرَّ».
[10] في (ج): «فغسل وجهه ثلاثًا ثم غسل يديه».
[11] «أي»: سقط من (ص) و(م).