إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا

          2606- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ) بفتح الجيم والموحَّدة واللَّام، الملقَّب‼: عَبْدان (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) هو عثمان بن جبلة (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج (عَنْ سَلَمَةَ) بن كُهَيل، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوف (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) أنَّه (قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ) أعرابيٍّ، لم يُسَمَّ (عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم دَيْنٌ) بعيرٌ كان اقترضه ╕ منه (فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ) أي: عزموا أن يؤذوه بالقول أو الفعل، لكنَّهم تركوا ذلك أدبًا مع النَّبيِّ صلعم ، وذلك لمَّا أغلَظَ في المطالبة على عادة الأعراب في الجَفَاء والغِلْظة في الطَّلب (فَقَالَ) ╕ : (دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا) أي: صَولة في الطَّلب (وَقَالَ) ╕ : (اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا) مثل سنِّ بعيره (فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ) بهمزة قطع في «فأعطوها»، وفي «مسلم»: أنَّ المخاطَب بذلك أبو رافع مولى رسول الله صلعم (فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ سِنًّا إِلَّا سِنًّا هِيَ أَفْضَلُ مِنْه) في الثَّمن والحُسْن والسِّنِّ (قَالَ) ╕ : (فَاشْتَرُوهَا) بهمزة وصل (فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً) بنصب «أحسنَكم» اسم «إنَّ» وخبرُها الجارُّ والمجرور، وفي بعض النُّسَخ: ”فإنَّ من خيركم أحسنُكم“ بالرَّفع، على حذف اسم «إنَّ» أي: إنَّ من خيركم أناسًا أحسنُكم، ولأبي ذَرٍّ: ”فإنَّ خيرَكم“ بإسقاط حرف الجرِّ والنَّصب، و”أحسنُكم“ بالرَّفع: اسم «إنَّ» وخبرها، وفي بعض الأصول: ”فإنَّ من خيركم أو خيركم“ على الشَّكِّ، أي: أو إنَّ خيرَكم أحسنُكم، بالرَّفع خبر «إنَّ» على ما لا يخفى، وفي النُّسخة المقروءة على الميدُوميِّ: ”فإنَّ من أ خْيركم أو خيركم“ بالجرِّ عطفًا على السَّابق، وزيادة همزة في الأوْلى وسكون الخاء، وعلى هذا فالشَّكُّ في إثبات الهمزة وحذفها، «أحسنَكم» بالنَّصب: اسم «إنَّ» لكنَّ الألف مَزيدة وجزمةُ الحاء وفتحةُ الخاء وفتح نون «أحسنَكم» على كشْطٍ بغير خطِّ كاتب الأصل ومدادِه كما هو الظَّاهر، وفي الفرع: علامة السُّقوط لهذا الحديث إسنادًا ومتنًا لأبي ذرٍّ.
          وهذا الحديث قد مضى في «الاستقراض» [خ¦2390].