إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: العبد إذا نصح سيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين

          2546- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) بن قعنبٍ القعنبيُّ الحارثيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام الأعظم، ابن أنسٍ الأصبحيِّ المدنيِّ، إمام دار الهجرة (عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: العَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ) قال الكِرمانيُّ: النَّصيحة كلمةٌ جامعةٌ معناها: حيازة الحظِّ للمنصوح له، وهو إرادة صلاح حاله، وتخليصه من الخلل، وتصفيته من الغشِّ (وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ) المتوجِّهة عليه بأن أقامها بشروطها وواجباتها ومستحبَّاتها(1) (كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ) لقيامه بالحقَّين، وانكساره بالرِّقِّ، واستُشكِل هذا من جهة أنَّه يُفهَم منه أنَّه يُؤجَر على العمل الواحد مرَّتين، مع أنَّه لا يُؤجَر على كلِّ عملٍ إلَّا مرَّةً واحدةً؛ لأنَّه أتى بعملين، وكذا كلُّ آتٍ(2) بطاعتين يُؤجَر على كلِّ واحدةٍ أجرها، فلا خصوصيَّة للعبد بذلك، وأُجيب: بأنَّ التَّضعيف مختصٌّ بالعمل الذي تتَّحد فيه طاعة الله وطاعة السَّيّد، فيعمل عملًا واحدًا ويُؤجَر عليه أجرين بالاعتبارين، وأمَّا العمل المختلف الجهة فلا اختصاص له بتضعيف الأجر فيه على غيره من الأحرار، أو المراد: ترجيح العبد المؤدِّي للحقَّين على العبد المؤدِّي لأحدهما، وقال ابن عبد البرِّ: لأنَّه لمَّا قام بالواجبين كان له ضعفا(3) أجر الحرِّ المطيع؛ لأنَّه فَضَلَ الحرَّ بطاعةِ مَنْ أمره الله تعالى بطاعته. وعُورِض: بأنَّ مزيد الفضل للعبد إنَّما هو لانكساره بالرِّقِّ، فلو كان التَّضعيف بسبب اختلاف جهة العمل لم يختصَّ العبد(4) بذلك.
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الأيمان والنُّذور».


[1] في (م): «ومستحسناتها».
[2] زيد في (ص): «بعملين»، وهو تكرارٌ.
[3] في (ب): «ضعف».
[4] في (م): «العمل»، وليس بصحيحٍ.