إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه

          2539- 2540- وبه قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن أبي مريم، الجمحيُّ مولاهم المصريُّ(1) (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”أخبرنا“ (اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين، ابن خالد بن عَقيلٍ _بالفتح_ وفي نسخةٍ: ”حدَّثني“ بالإفراد ”عُقَيلٌ“ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ أنَّه قال: (ذَكَرَ عُرْوَةُ) بن الزُّبير، وفي «الشُّروط» [خ¦2711]: أخبرني عروة (أَنَّ مَرْوَانَ) بن الحكم (وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) بفتح الميمين وسكون الخاء المعجمة (أَخْبَرَاهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم ) وهذه الرِّواية مُرسَلةٌ؛ لأنَّ مروان لا صحبةَ له، وأمَّا المسور(2) فلم يحضر القصَّة؛ لأنَّه إنَّما قدم مع أبيه وهو صغيرٌ بعد الفتح، وكانت هذه القصَّة قبل ذلك بسنتين، وحينئذٍ فلم يُصِبْ من أخرجه من أصحاب «الأطراف» في مُسنَد المِسْوَر أو مروان، ووقع في أوَّل «الشُّروط» [خ¦2711] من طريق شيخ المؤلِّف يحيى ابن بكيرٍ عن اللَّيث عن عقيلٍ عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني عروة بن الزُّبير: أنَّه سمع مروان والمسور بن مخرمة يخبران عن أصحاب رسول الله صلعم ، وذكر قصَّة الحديبية (قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ) زاد في «الوكالة» [خ¦2307]: مسلمين (فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ) لهم ╕ : (إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ) بالرَّفع خبر المبتدأ الذي هو: «أَحَبُّ» (فَاخْتَارُوا) أن أردَّ إليكم(3) (إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، إِمَّا المَالَ، وَإِمَّا السَّبْيَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ) أي: أخَّرت قسم السَّبي ليحضروا(4). (وَكَانَ النَّبِيُّ صلعم انْتَظَرَهُمْ) ليحضروا (بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً) لم يقسم السَّبي وتركه بالجعرانة (حِينَ قَفَلَ) رجع (مِنَ الطَّائِفِ) إلى الجعرانة، وقسم بها الغنائم (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ) أي: للوفد (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) المال أو السَّبي (قَالُوا: فَإِنَّا) وللحَمُّويي والمُستملي: ”إنَّا“ (نَخْتَارُ سَبْيَنَا) زاد في «مغازي ابن عقبة»: ولا نتكلَّم في شاةٍ ولا بعيرٍ (فَقَامَ النَّبِيُّ صلعم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاؤونَا) ولأبي ذرٍّ: ”قد جاؤونا“ حال كونهم‼ (تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ) بضمِّ الياء وفتح الطَّاء وتشديد الياء، أي: من أحبَّ أن يُطَيِّبَ بدفع السَّبي إلى هوازن نفسه (فَلْيَفْعَلْ) جواب «من» المتضمِّنة معنى الشَّرط، فلذا دخلت عليه الفاء (وَمَنْ أَحَبَّ) أي: منكم (أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ(5)) نصيبه من السَّبي (حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ) أي: عوضه (مِنْ أَوَّلِ مَا يَفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ) أي: يرجع إلينا من أموال الكفَّار من غنيمةٍ، أو خراجٍ، أو غير ذلك، ولم يرد الفيء الاصطلاحيَّ وحده، و«يُفيء» بضمِّ أوَّله، من: أفاء (فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا ذَلِكَ) ولأبي ذرٍّ: ”طيَّبنا لك ذلك“ (قَالَ) ╕ : (إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ) زاد في «الوكالة» [خ¦2307]: «في ذلك» (مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ) أراد ╕ بذلك التَّقصِّي عن أمرهم استطابةً لنفوسهم (فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ) في ذلك فطابت نفوسهم به (ثُمَّ رَجَعُوا) أي: العرفاء (إِلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ) أي: النَّاس (طَيَّبُوا) ذلك (وَأَذِنُوا) له ╕ أن يردَّ السَّبي إليهم، قال الزُّهريُّ: (فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ) وزاد في «الهبة» [خ¦2607] / : هذا آخر قول الزُّهريِّ، يعني: فهذا الذي بلغنا. انتهى.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «مَنْ مَلَكَ رقيقًا من العرب فوَهَب».
          (وَقَالَ أَنَسٌ) ☺ ممَّا سبق موصولًا، ونبَّهت عليه قريبًا في «باب إذا أُسِرَ أخو الرَّجل» [خ¦2537]: (قَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صلعم : فَادَيْتُ نَفْسِي، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا) وأوَّله: أُتي النَّبيُّ صلعم بمالٍ من البحرين، فقال: «انثروه في المسجد»، وفيه: فجاء العبَّاس فقال: يا رسول الله، أعطني فإنِّي فاديت... إلى آخره [خ¦421].


[1] في غير (د) و(س): «البصري» وهو تصحيف.
[2] في (ب): «المسورة»، وهو تحريفٌ.
[3] في غير (د) و(س): «لكم».
[4] في (د): «لتحضروا».
[5] في (ص): «جعله»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».