إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها

          2431- 2432- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الفريابيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابن المعتمر (عَنْ طَلْحَةَ) بن مُصَرِّفٍ (عَنْ أَنَسٍ) هو ابن مالكٍ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلعم بِتَمْرَةٍ) مُلْقاةٍ (فِي الطَّرِيقِ، قَالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”فقال“ بالفاء قبل القاف: (لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ(1)) المُحرَّمة عليَّ (لأَكَلْتُهَا) ظاهره: أنَّه تركها تورُّعًا خشية أن تكون من الصَّدقة، فلو لم يخش ذلك لَأكلها، ولم يذكر تعريفًا، فدلَّ على أنَّ مثل ذلك من المُحقَّرات يُملَك بالأخذ، ولا يحتاج إلى تعريفٍ، لكن هل يُقال: إنَّها لقطةٌ رُخِّص في ترك تعريفها أو ليست لقطةً؛ لأنَّ اللُّقطة‼ ما من شأنه أن يُتمَلَّك دون ما لا قيمة له. (وَقَالَ يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان، ممَّا وصله مُسدَّدٌ في «مُسنَده» عنه، وأخرجه الطَّحاويُّ من طريق مُسدَّدٍ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ، قال / : (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَنْصُورٌ) هو ابن المعتمر (وَقَالَ زَائِدَةُ) هو ابن قدامة، ممَّا وصله مسلمٌ من طريق أبي أسامة عن زائدة (عَنْ مَنْصُورٍ) أيضًا (عَنْ طَلْحَةَ) بن مُصَرِّفٍ، أنَّه قال: (حَدَّثَنَا أَنَسٌ).
          قال المؤلِّف: (وَحَدَّثَنَا) وفي بعض الأصول: ”ح“ للتَّحويل ”وحدَّثنا“ (مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ) المروزيُّ المجاور بمكَّة قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) بكسر الموحَّدة المُشدَّدة وتشديد ميم «همامٍ»، الصَّنعانيِّ أخي وهبٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: إِنِّي لأَنْقَلِبُ(2) إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ) بسكون الميم، وقال «أجد» بلفظ المضارع استحضارًا للصُّورة الماضية (سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي(3) فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا) بالنَّصب (ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا) بضمِّ الهمزة وسكون اللَّام وكسر القاف والرَّفع، قال الكِرمانيُّ: لا غير، قال العينيُّ: يعني(4): لا يجوز نصب الياء؛ لأنَّه معطوفٌ على «فأرفعها»، فإذا نُصِب فربَّما يُظَنُّ أنَّه معطوفٌ على قوله: «أن تكون» فيفسد المعنى. انتهى. نعم في فروع(5) «اليونينيَّة»: ”فألقيَها“ بالنَّصب، وكذا في كثيرٍ من الأصول التي وقفت عليها، وفي الفرع «التِّنكزيِّ»: ”فألفيَها“ بالفاء بدل القاف والنَّصب، وعليها علامة أبي ذرٍّ مُصحَّحًا عليها، و(6)خرَّج بعض علماء العصر النَّصبَ على أنَّه عطفٌ على «تكون» بمعنى: «ألقيها في جوفي»، أي: أخشى أن أطرحها في جوفي، وأمَّا رواية الفاء والنَّصب فعلى معنى: «ثمَّ أخشى أن أجدها من الصَّدقة»، أي: أن يظهر لي أنَّها من الصَّدقة. انتهى. فليُتأمَّل، ويحتمل تخريجه على نحو: خذ اللِّصَّ قبل يأخذَك _بالنَّصب_ على تقدير: قبل أن يأخذك، كقوله:
سأترك منزلي لبني تميمٍ                     وألحقُ بالحجاز فأستريحا
          وقُرِئ شاذًّا ▬فيدمغَه↨ بـ «الأنبياء» [الآية:18] بالنَّصب، قال في «الكشَّاف»: وهو في ضعفٍ(7)، والذي في «اليونينيَّة»: ”فألفيها“ بالفاء وسكون الياء لا غير، مُصحَّحًا عليها(8).


[1] في (د): «تكون صدقةً»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في (م): «لأنفلت»، وهو تصحيفٌ.
[3] قوله: «سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي» جاء في (د) و(ص) بعد قوله: «بسكون الميم» السَّابق، وليس في (م).
[4] «يعني»: ليس في (م).
[5] في (د) و(د1) و(م): «فرع».
[6] قوله: «في الفرع التِّنكزيِّ: فألفيَها... مُصحَّحًا عليها، و»: سقط من (م).
[7] في (د): «وهو ضعيفٌ».
[8] قوله: «والذي في اليونينيَّة...، مُصحَّحًا عليها»: ليس في (د1) و(م).