إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لأن يأخذ أحدكم أحبلًا فيأخذ حزمة من حطب فيبيع

          2373- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ) العمِّيُّ، أبو الهيثم البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضمِّ الواو مُصغَّرًا، ابن خالدٍ البصريُّ (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا)(1) بهمزةٍ مفتوحةٍ وحاءٍ مهملةٍ ساكنةٍ ومُوحَّدةٍ مضمومةٍ، جمع حبلٍ، ويُجمَع أيضًا على «حبالٍ» قال أبو طالبٍ:
أَمِنْ(2) أجل حبلٍ لا أباك(3) ضَرَبْتَه                     بِمِنْسَأَةٍ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
          واللَّام في قوله: «لأَنْ» ابتدائيَّةٌ، أو جوابٌ لقَسَمٍ(4) محذوفٍ، أي: «والله لأَنْ»، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”لأن يأخذ أحدكم حبلًا“ (فَيَأْخُذَ) بالنَّصب عطفًا على المنصوب السَّابق (حُزْمَةً) بضمِّ الحاء المهملة وسكون الزَّاي والنَّصب على المفعوليَّة (مِنْ حَطَبٍ) ولأبي الوقت: ”حزمة حطبٍ“ بالإضافة وسقوط(5) حرف الجرِّ (فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللهُ بِهِ) أي: فيمنع الله بثمن ما يبيعه (وَجْهَهُ) أي: من أن يريق ماءه بالسُّؤال من النَّاس، وقوله: «فيبيع، فيكفَّ» بالنَّصب فيهما عطفًا على السَّابق، ولأبي ذرٍّ: ”فيكفَّ الله بها عن وجهه“ فأنَّث الضَّمير باعتبار الحزمة (خَيْرٌ) خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو خيرٌ له (مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ) أي: إن لم يجد أحدكم إلَّا الاحتطاب من الحِرَف فهو مع ما فيه من امتهان المرء نفسه ومن المشقَّة، خيرٌ له من سؤال النَّاس (أُعْطِيَ أَمْ مُنِعَ) بضمِّ الهمزة وكسر الطَّاء في الأوَّل، وضمِّ الميم وكسر النُّون في الثَّاني، مبنيَّين للمفعول.
          وهذا الحديث سبق في «باب الاستعفاف في المسألة» من «كتاب الزَّكاة» [خ¦1471]، ومطابقته للتَّرجمة هنا في قوله: «فيأخذ حزمةً من حطبٍ فيبيع».


[1] في (م): «أحبله»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في غير (ب) و(س): «من».
[3] في غير (ب) و(س): «أتاك»، وهو تصحيفٌ.
[4] في (د): «قسمٍ».
[5] في (د): «وبسقوط».