إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: دنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم

          2364- وبه قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو سعيد بن محمَّد بن الحكم بن أبي مريم الجمحيُّ قال: (حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ) بن عبد الله بن الجمحيِّ المكِّيُّ (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) بضمِّ الميم وفتح اللَّام، هو عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبي مليكة، واسمه: زهير بن عبد الله، الأحول المكِّيِّ (عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق ( ☻ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَلَّى صَلَاةَ الكُسُوفِ‼، فَقَالَ) أي(1): بعد أن انصرف منها: (دَنَتْ) أي: قَرُبَت (مِنِّي النَّارُ حتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ) بفتح الهمزة حرف نداءٍ (وَأَنَا مَعَهُمْ؟) بحذف همزة الاستفهام، تقديره: أَوَ أنا معهم؟ وفيه تعجُّبٌ وتعجيبٌ واستبعادٌ من قربه من أهل النَّار، كأنَّه استبعد قربهم منه وبينه وبينهم كبُعْد المشرقين(2) (فَإِذَا امْرَأَةٌ) لم تُسَمَّ، لكن في «مسلمٍ»: أنَّها امرأةٌ من بني إسرائيل، وفي أخرى له(3): أنَّها حِمْيَريَّةٌ، وحِمْيرٌ: قبيلةٌ من العرب وليسوا من بني إسرائيل، قال نافع(4) بن عمر: (حَسِبْتُ أَنَّهُ) أي: ابن أبي مليكة، أو قالت أسماء: حسبت أنَّه، أي: النَّبيُّ صلعم (قَالَ: تَخْدِشُهَا) بشينٍ معجمةٍ بعد الدَّال المهملة المكسورة، أي: تقشر جلدها (هِرَّةٌ) بالرَّفع على الفاعليَّة (قَالَ) ╕ ، وفي «باب ما يقرأ بعد التَّكبير» [خ¦745]: قلت: (مَا شَأْنُ هَذِهِ) أي: المرأة؟ (قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا) وتقدَّم هذا الحديث بأتمَّ من هذا في أوائل «صفة الصَّلاة» [خ¦745].


[1] «أي»: ليس في (د) و(ص) و(م).
[2] قال السندي في «حاشيته»: قوله: (حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ) أي: فكيف تعذِّبهم، وقد قلت: { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، وهذا من باب إظهار غناه وفقر الخلق والتَّضرُّع إليه والتَّوسُّل بكريم وعدِهِ لديه، وليس مثله مبنيًّا على التَّكذيب بذلك الوعد إذ من الممكن أن يكون ذلك الوعدُ عند الله، وفي علمهِ تعالى مقيَّدًا بشرطٍ قد فُقِدَ، والله تعالى أعلم. وقال القسطلاني: هو بتقدير الهمزة، أي: أو أنا معهم، وفيه تعجُّبٌ وتعجيبٌ، واستبعادٌ من قربه من أهل النَّار، كأنَّه استبعدَ قربهم منه، وبينه وبينهم كبُعد المشرقين. انتهى. فكلُّ ذلك لا يناسبُ بخطابِ الله تعالى، ولا بمقام التَّضرُّع، والله تعالى أعلم.
[3] «له»: ليس في (ب).
[4] زيد في (ب): «مولى»، وهو خطأٌ.