إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خرجنا مع رسول الله عام حنين

          2100- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) إمام دار الهجرة (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاريِّ (عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ) هو مولى أبي أيُّوب الأنصاريِّ، ونسبه لجدِّه لشهرته به، وصرَّح أبو ذرٍّ باسمه فقال: ”عن عمر بن كثيرٍ“ بالمثلَّثة (عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ) نافع بن عيَّاشٍ _بالمثنَّاة التَّحتيَّة والمعجَمة_ الأقرع (مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) الحارث بن رِبعيٍّ الأنصاريِّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم ‼ عَامَ حُنَيْنٍ) وادٍ بين مكَّة والطَّائف وراء عرفات، لا ينصرف(1)، وكان ذلك في السَّنة الثَّامنة من الهجرة (فَأَعْطَاهُ) ╕ (يَعْنِي: دِرْعًا) كان السِّياق يقتضي أن يقول: فأعطاني(2)، لكنَّه من باب الالتفات، وأسقط المصنِّف بين قوله: «حنين» وقوله: «فأعطاه» ما ثبت عنده(3) في غزوة حنينٍ من «المغازي» [خ¦4321] لِما قصده من بيان جواز بيع الدِّرع، فذكر ما يحتاج إليه من الحديث، وحذف ما بينهما على عادته، ولفظه: خرجنا مع رسول الله صلعم عام حنينٍ، فلمَّا التقينا كان للمسلمين جولةٌ، فرأيت رجلًا من المشركين قد علا رجلًا من المسلمين، فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسَّيف فقطعت الدِّرع، وأقبل عليَّ فضمَّني ضمَّةً وجدت منها ريح الموت، ثمَّ أدركه الموت، فأرسلني، فلحقت عمر ☺ ، فقلت: ما بال الناس؟ قال: أَمْرُ الله ╡، ثم رجعوا وجلس النَّبيُّ صلعم ، فقال: «من قتل قتيلًا له عليه بيِّنةٌ فله سَلَبهُ»، فقلت: من يشهد لي؟ فجلست، قال(4): ثم قال النَّبيُّ صلعم مثله، فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، قال: ثم قال النَّبيُّ صلعم مثله، فقمت فقال: «ما لك / يا أبا قتادة؟» فأخبرته، فقال رجلٌ: صدق وسَلَبهُ عندي، فأرضِه منِّي، فقال أبو بكرٍ(5) ☺ : لا ها الله إذًا لا يعمد إلى أسدٍ من أُسْدِ الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال النَّبيُّ صلعم (6): «صدق(7)، فأعطِه» فأعطانيه (فَبِعْتُ الدِّرْعَ) المذكور (فَابْتَعْتُ) فاشتريت (بِهِ) أي: بثمنه، قال الواقديُّ: باعه من حاطب بن أبي بلتعة بسبع أواقيَّ (مَخْرَفًا) بفتح الميم والرَّاء بينهما خاءٌ معجَمةٌ ساكنةٌ، وبعد الرَّاء فاءٌ: بُستانًا (فِي بَنِي سَلِمَةَ) بكسر اللام، بطنٌ من الأنصار، وهم قوم أبي قتادة (فَإِنَّهُ) أي: المَخْرَفُ (لَأَوَّلُ) بلام مفتوحةٍ قبل الهمزة للتَّأكيد، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”أوَّل“ (مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ) بالمثلَّثة قبل اللام وبعد الهمزة المفتوحة، من باب التَّفعُّل الذي فيه معنى(8) التَّكلُّف، أي: اتَّخذته أصلًا لمالي (فِي الإِسْلَامِ) وسقط لأبي ذرٍّ وابن عساكر قوله «فأعطاه، يعني: درعًا».
          ومطابقة الحديث(9) لِما ترجم به في الجزء الثاني منها(10)، فإنَّ بيع أبي قتادة درعه كان في غير أيَّام الفتنة.
          وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الخمس» [خ¦3142] و«المغازي» [خ¦4321] و«الأحكام» [خ¦7170]، ومسلمٌ في «المغازي»، وأبو داود في «الجهاد»، والتِّرمذيُّ في «السِّيَر»، وابن ماجه في «الجهاد».


[1] «لا ينصرف»: ليس في (ب) و(س)، ولعلَّ الصَّواب حذفها، والله أعلم.
[2] زيد في (د): «درعًا».
[3] في (د): «عنه».
[4] «قال»: مثبتٌ من (د).
[5] زيد في (د): «الصِّدِّيق».
[6] قوله: «فيعطيك سلبه، فقال النَّبيُّ صلعم »: سقط من (ص).
[7] «صدق»: مثبتٌ من (د).
[8] «معنى»: ليس في (م).
[9] زيد في (د1): «معنًى».
[10] في (م): «من غيرها».