إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة

          133- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، وفي رواية المُستملي: ”حدَّثني“ (قُتَيْبَةُ) ولغير أبوي ذَرٍّ والوقتِ وابن عساكر: ”بن سعِيدٍ“ بكسر العين (قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ) إمام المصريِّين (قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ) هو ابن سَرْجِس؛ بفتح المُهْمَلَة وسكون الرَّاء وكسر الجيم آخره سينٌ مُهمَلَةٌ؛ وهو (مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ) المُتوفَّى بالمدينة سنة سبْعَ عشْرَة ومئةٍ، وفي رواية ابن عساكر بإسقاط لفظة: «ابن الخطَّاب» (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☻ : (أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي المَسْجِدِ(1)) النَّبويِّ، ولم يعرف اسم الرَّجل (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟) أي: بالإهلال؛ وهو رفع الصَّوت بالتَّلبية في الحجِّ، والمُرَاد به هنا: الإحرام مع التَّلبية، والسُّؤال عن موضع‼ الإحرام، وهو الميقات المكانيُّ (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : يُهِلُّ) بضمِّ الياء، أي: يُحْرِم (أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ) بضمِّ المهملة(2) وفتح اللَّام (وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأمِ(3) مِنَ الجُحْفَةِ) بضمِّ الجيم وسكون المُهمَلَة (وَيُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ) وهو: ما ارتفع من أرض تهامة إلى أرض العراق (مِنْ(4) قَرْنٍ) بفتح القاف وسكون الرَّاء؛ وهو جبلٌ مُدوَّرٌ أملسُ كأنَّه هضبةٌ، مُطِلٌّ على عرفاتٍ، وقوله: «ويُهِلُّ» في الكلِّ على صورة / الخبر في الظَّاهر، والظَّاهر أن المُرَاد منه الأمر، فالتَّقدير: لِيُهِلَّ في الكلِّ (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) ☻ ؛ بواو العطف على لفظ «عن عبد الله بن عمر» عطفًا من جهة المعنى، كأنَّه قال: قال نافعٌ: قال ابن عمر، وسقط «الواو» للأَصيليِّ وابن عساكر(5) (وَيَزْعُمُونَ) عطفٌ على مُقدَّرٍ؛ وهو «قال رسول الله صلعم ...» إلى آخر ما تقدَّم، ولا بدَّ من هذا التَّقدير لأنَّ هذه الواو لا تدخل بين القول ومقوله (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: وَيُهِلُّ أَهْلُ اليَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ) بفتح المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح اللَّامين؛ جبلٌ من جبال تهامة على مرحلتين من مكَّة (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) ☻ (يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ) أي: لم أفهم (هَذِهِ) أي: الأخيرة (مِنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) وهذا من شدَّة تحرِّيه وورعه، وأطلق الزَّعم على القول المُحقَّق لأنَّه لا يريد من هؤلاء الزَّاعمين إلَّا أهل الحجَّة والعلم بالسُّنَّة، ومُحالٌ أن يقولوا ذلك بآرائهم لأنَّ هذا ليس ممَّا يُقَال بالرَّأي، وتأتي بقيَّة مباحث الحديث إن شاء الله تعالى في «الحجِّ» [خ¦1525] وبالله المُستَعَان.


[1] في (د): «بالمسجد».
[2] في (د): «أوَّله».
[3] في (س): «الشَّام».
[4] «من»: سقط من (د).
[5] قوله: «وسقط الواو للأَصيليِّ وابن عساكر» سقط من (د).