إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائمًا إلا رأيته

          1973- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدٌ) ولأبي ذرٍّ: ”هو ابن سَلَامٍ“ قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ) سليمان بن حيَّان(1) (الأَحْمَرُ) قال: (أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ) الطَّويل (قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا ☺ عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ) أي: ما كنت أحبُّ رؤيته (مِنَ الشَّهْرِ) حال كونه (صَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ) صائمًا (وَلَا) كنت أحبُّ أن أراه من الشَّهر حال كونه (مُفْطِرًا إِلَّا رَأَيْتُهُ) مفطرًا (وَلَا) كنت أحبُّ أن أراه (مِنَ اللَّيْلِ) حال كونه (قَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ) قائمًا (وَلَا) كنت أحبُّ أن أراه من اللَّيل حال كونه (نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ) نائمًا (وَلَا مَسِسْتُ) بفتح الميم / وكسر السِّين الأولى _على الأفصح_ وسكون الثَّانية (خَزَّةً) بفتح الخاء والزَّاي المُشدَّدة المعجمتين، هو في الأصل: اسم دابَّةٍ، ثمَّ سُمَّي الثَّوب المتَّخَذ من وبره خزًّا (وَلَا حَرِيرَةً) وفي نسخةٍ: ”ولا حريرًا“ (أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صلعم ، وَلَا شَمِمْتُ) بكسر الميم الأولى، وقول ابن درستويه: والعامَّة يخطئون في فتحها، تعقَّبه في «المصابيح» بأنَّها لغةٌ حكاها الفرَّاء قال: ومضارع المكسور أَشَمُّ؛ بفتح الشِّين(2)، والآخر: أشُمُّ(3) بضمِّها (مِسْكَةً وَلَا عَبِيرَةً) بالموحَّدة المكسورة والتَّحتيَّة السَّاكنة، والعبير(4): طيبٌ معمولٌ من أخلاطٍ، ولابن عساكر: ”ولا عنْبَرة“ بنونٍ ساكنةٍ فمُوحَّدةٍ مفتوحةٍ: القطعة من العنبر المعروف (أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ) وللكُشْمِيْهَنِيِّ _كما في «الفتح»_: ”من ريح“ (رَسُولِ اللهِ صلعم ) فقد كان ╕ على أكمل الصِّفات خُلُقًا وخلقًا، فهو كلُّ الكمال‼، وجملة الجمال.
          وفي حديثي الباب: أنَّه ╕ لم يَصُمِ الدَّهر، ولا قام كلَّ اللَّيل، ولعلَّه إنَّما ترك ذلك لئلَّا يُقتَدى به فيشقَّ على أمَّته وإن كان قد أُعِطي من القوَّة ما لو التزم ذلك لاقتدر عليه، لكنَّه سلك من العبادة الطَّريقة الوسطى فصام وأفطر وقام ونام ليقتدي به العابدون صلعم كثيرًا.


[1] في (د): «حبَّان»، وهو تصحيفٌ.
[2] زيد في (د): «المعجمة».
[3] «أشم»: ليس في (د).
[4] في (د): «والعبيرة».