إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم لنقضت الكعبة

          126- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ) بالتَّصغير (بْنُ مُوسَى) العبسيُّ مولاهم الكوفيُّ (عَنْ إِسْرَائِيلَ) ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ؛ بفتح المُهمَلَة وكسر المُوحَّدة؛ نسبةً إلى سَبيع بن سبعٍ، المُتوفَّى سنة ستِّين ومئةٍ (عَنْ) جدِّه (أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ) بن يزيد بن قيس النَّخعيِّ، أدرك الزَّمن النَّبويَّ وليست له رؤيةٌ، وتُوفِّي بالكوفة سنة خمسٍ وسبعين أنَّه (قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ) عبد الله الصَّحابيُّ المشهور: (كَانَتْ عَائِشَةُ) ╦ (تُسِرُّ إِلَيْكَ) إسرارًا (كَثِيرًا) مِنَ الإسرار ضدَّ الإعلان، وفي رواية ابن عساكر: ”تسرُّ إليك حديثًا كثيرًا“ فإن قلت: قوله: «كانت» للماضي و«تسرُّ» للمضارع، فكيف اجتمعا؟ أُجِيب بأنَّ «تسرُّ» تفيد(1) الاستمرار، وذكره بلفظ المضارع استحضارًا لصورة الإسرار (فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي) شأن (الكَعْبَةِ؟) قال الأسود: (قُلْتُ) وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”فقلت“: (قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : يَا عَائِشَةُ(2) لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ) بتنوين «حديثٌ»، ورفع «عهدُهم» على إعمال الصِّفة (قَالَ) وفي رواية الأَصيليِّ: ”فقال“ (ابْنُ الزُّبَيْرِ: بِكُفْرٍ) كأنَّ الأسود نسيَ قولها: «بكفرٍ» فذكره ابن الزُّبير، وأمَّا التَّالي(3)... وإلى آخره، فيحتمل أن يكون ممَّا نسي أيضًا، أو ممَّا ذكر، ورواه الإسماعيليُّ من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاقَ بلفظ: قلت: حدِّثني حديثًا حفظت أوَّله ونسيت آخره(4)، وللتِّرمذيِّ كالمؤلِّف في «الحجِّ» [خ¦1584]: «بجاهليَّةٍ» / بدل قوله: «بكفرٍ» (لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ) جواب «لولا» (فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ) منه (النَّاسُ، وَبَابٌ يَخْرُجُونَ) منه، ولأبي ذَرٍّ: ”بابًا“ في الموضعين؛ بالنَّصب على أنَّه بدلٌ أو بيانٌ لـ «بابين»، وضمير المفعول محذوفٌ من «يدخل» و«يخرجون»، وفي رواية الحَمُّويي والمُستملي(5)، كما في فرع «اليونينيَّة»: إثبات ضمير الثَّاني وهي: ”يخرجون منه“ وهي منازعة الفعلين(6) (فَفَعَلَهُ) أي: النقض المذكور والبابين (ابْنُ الزُّبَيْرِ) وهذه المرَّة الرَّابعة من بناء البيت، ثمَّ بناه الخامسةَ الحجَّاجُ واستمرَّ، وقد تضمَّن الحديث معنى ما تُرجِم له لأنَّ قريشًا كانت تعظِّم أمر(7) الكعبة جدًّا، فخشي صلعم أن يظنُّوا _لأجل قرب عهدهم بالإسلام_ أنَّه غيَّر بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك. انتهى.


[1] في (ص): «يفيد»، وفي (م): «مفيد».
[2] «يا عائشة»: سقط من (د) و(م).
[3] في (د): «الثَّاني».
[4] قوله: «ورواه الإسماعيليُّ من طريق زهير...حفظت أوَّله ونسيت آخره» سقط من (ب) و(د) و(ص).
[5] «والمُستملي»: سقط من (د) و(م).
[6] في (د): «وهو تنازعه الفعلان».
[7] «أمر»: سقط من (د).