إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله رآه وإنه يسقط على وجهه

          1817- 1818- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هو ابن رَاهُوْيَه كما جزم به أبو نُعيمٍ قال: (حَدَّثَنَا رَوْحٌ) هو ابن عبادة قال: (حَدَّثَنَا شِبْلٌ) بكسر الشِّين المعجمة وسكون المُوحَّدة، ابن عبَّادٍ المكِّيُّ (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) عبد الله المكِّيِّ (عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم رَآهُ وَأَنَّهُ) وفي نسخةٍ: ”ودوابَه“ (1) (يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ) أي: القمل، فالفاعل محذوفٌ، وضمير النَّصب من قوله: «رآه» عائدٌ على كعبٍ، ومن: «أنَّه» عائدٌ على القمل، وكذا ضمير الرَّفع المستتر في قوله: «يسقط» عائدٌ أيضًا على «القمل»، والضَّمير من: «وجهه» عائدٌ على كعبٍ، والواو للحال، قال الحافظ(2) ابن حجرٍ: ولابن السَّكن وأبي ذرٍّ: ”لَيَسقطُ“ بزيادة لامٍ (فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَهُ) ╕ (أَنْ يَحْلِقَ) رأسه (وَهُوَ بِالحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ) أي: لم يظهر لمن كان معه ╕ في ذلك الوقت (أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ) من إحرامهم (بِهَا) أي: بالحديبية (وَهُمْ) أي: الرَّسول صلعم ومن معه، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِيِّ(3): ”وهو“ أي: الرَّسول ╕ (عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ) وهذه الزِّيادة ذكرها الرَّاوي لبيان أنَّ الحلق كان استباحة محظورٍ بسبب الأذى، لا لقصد التَّحلُّل بالحصر، وهو ظاهرٌ (فَأَنْزَلَ اللهُ) عزَّ وجلَّ (الفِدْيَةَ) المتعلَّقة بالحلق للأذى في قوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ} ... الآية[البقرة:196](فَأَمَرَهُ) أي: كعبًا (رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا) بفتح الرَّاء والمحدِّثون يسكِّنونها، وهو(4) ستَّة عشر رطلًا (بَيْنَ سِتَّةٍ) من المساكين (أَوْ يُهْدِيَ شَاةً) بضمِّ أوَّله منصوبًا عطفًا على: «أن يطعم» (أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بالنَّصب عطفًا على سابقه.
          (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ) الفريابيِّ، وهو عطفٌ على قوله: «حدَّثنا روح» فيكون إسحاق رواه عن روحٍ بإسناده وعن محمَّد بن يوسف قال: (حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ) بن عمر بن كليبٍ اليشكريُّ (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) عبدِ الله (عَنْ مُجَاهِدٍ قال: أَخْبَرَنَا) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”حدَّثني“ من التَّحديث‼؛ بالإفراد (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم رَآهُ، وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ. مِثْلَهُ) بالنَّصب، أي: مثل الحديث المذكور، والواو في قوله: و«قمله» للحال، وفي الحديث: أنَّ / السُّنَّة مبيِّنةٌ لمجمل القرآن لإطلاق الفدية فيه وتقييدها بالسُّنَّة، وتحريم حلق الرَّأس على المحرم، والرُّخصة له في حلقها إذا آذاه القمل أو غيره من الأوجاع، واستنبط منه بعض المالكيَّة: إيجاب الفدية على من تعمَّد حلق رأسه بغير عذرٍ، فإنَّ إيجابها على المعذور من التَّنبيه بالأدنى على الأعلى، لكن لا يلزم من ذلك التَّسوية بين المعذور وغيره، ومن ثمَّ قال الشَّافعيُّ: لا يتخيَّر العامد(5)، بل يلزمه الدَّم.


[1] زيد في (ص) و(م): «وأنَّه»، وهو تكرارٌ.
[2] «الحافظ»: ليس في (ب).
[3] في (د): «والمُستملي»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[4] في (د): «وهي».
[5] في (د): «القاصد».