إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنما كان منزل ينزله النبي ليكون أسمح لخروجه

          1765- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَينٍ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها(1) (قَالَتْ: إِنَّمَا كَانَ) المُحصَّب (مَنْزِلٌ) بالرَّفع، قال ابن مالكٍ: في رفعه ثلاثة أوجهٍ:
          أحدها: أن تجعل «ما» بمعنى «الذي»، واسم «كان» ضميرٌ يعود على المُحصَّب، وخبرها محذوفٌ، والتَّقدير: إنَّ الذي كأنَّه هو؛ يعني: أنَّ المنزل الذي كان المُحصَّب إيَّاه منزلٌ ينزله النَّبيُّ صلعم ، فـ «منزلٌ»: خبر «إنَّ»، الثَّاني: أن تكون «ما» كافَّةً، و«منزلٌ» اسم «كان»، وخبرها ضميرٌ محذوفٌ عائدٌ على المُحصَّب، وفي هذا الوجه تعريف الخبر وتنكير الاسم إلَّا أنَّه نكرةٌ مُخصَّصةٌ بصفتها فسهل لذلك، الثَّالث: أن يكون «منزلٌ» منصوبًا في اللَّفظ إلَّا أنَّه كُتِب بلا ألفٍ(2) على لغة ربيعة؛ فإنَّهم يقفون على المنصوب المُنوَّن بالسُّكون. انتهى. وتعقَّبه البدر الدَّمامينيُّ بأنَّ الوجه الثَّالث ليس توجيهًا للرَّفع بوجهٍ، وقد قال أوَّلًا: في رفعه _أي: رفع «منزل»_ ثلاثة أوجهٍ، وعدَّ الثَّالث وهو مقتضٍ للنَّصب لا للرَّفع، ثمَّ كيف يتَّجه هذا مع ثبوت الرِّواية بالرَّفع؟! وهل هذا إلَّا مقتضٍ للنَّصب(3)؟! لأنَّ الرَّاوي اعتمد على صورة الخطِّ فظنَّه مرفوعًا، فيظنُّ به كذلك ولم يستند فيه إلى روايةٍ، فما هذا الكلام؟! ولأبي ذرٍّ: ”إنَّما كان“ أي: المُحصَّب منزلًا؛ بالنَّصب.
          (يَنْزِلُهُ النَّبِيُّ صلعم لِيَكُونَ) النُّزول به (أَسْمَحَ) أسهل (لِخُرُوجِهِ) راجعًا إلى المدينة ليستوي(4) في ذلك البطيء والمعتدل(5)، ويكون مبيتهم وقيامهم في السَّحر ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة (تَعْنِي) عائشة: (بِالأَبْطَحِ) يتعلَّق(6) بقوله: «ينزله» ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”تعني: الأبطح“ بإسقاط حرف‼ الجرِّ.


[1] «أنَّها»: ليس في (ص) و(م).
[2] في (د) و(م) و(ج): «بالألف»، وفي (ص): «الألف».
[3] «للنَّصب»: ليس في (د).
[4] في (ص) و(م): «ليستوي».
[5] في (د) و(م): «والمتعذِّر»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح».
[6] في (د): «متعلِّقٌ».