إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}

          ░102▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين ({فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}) قال البيضاويُّ: أي(1): فمن استمتع وانتفع بالتَّقرُّب إلى الله تعالى بالعمرة قبل الانتفاع بتقرُّبه بالحجِّ في أشهره ({فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}) فعليه دمٌ استيسره(2) بسبب التَّمتُّع، فهو دم جبرانٍ يذبحه إذا أحرم بالحجِّ ولا يأكل منه، وقال أبو حنيفة: إنَّه دم نسكٍ، فهو كالأضحية ({فَمَن لَّمْ يَجِدْ}) أي: الهدي ({فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}) في أيَّام الاشتغال به بعد الإحرام وقبل التَّحلُّل، وقال أبو حنيفة: في أشهره بين الإحرامين، ولا يجوز يوم النَّحر وأيَّام التَّشريق عند الأكثر ({وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}) إلى أهليكم، أو نفرتم وفرغتم من أعماله، وهو مذهب أبي حنيفة ({تِلْكَ عَشَرَةٌ}) فذلكة الحساب، وفائدتها: ألَّا يتوهَّم أنَّ الواو بمعنى «أو» كقولك: جالس الحسن وابن سيرين، وأن يعلم العدد جملةً كما علم تفصيلًا، فإنَّ أكثر العرب لم يحسنوا الحساب، وأنَّ المراد بالسَّبعة: العدد دون الكثرة، فإنَّه يُطلَق لهما ({كَامِلَةٌ}) صفةٌ مؤكِّدةٌ، تفيد المبالغة في محافظة العدد ({ذَلِكَ}) إشارةٌ إلى الحكم المذكور عندنا، والتَّمتُّع عند أبي حنيفة؛ إذ لا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام عنده، فمن فعل / ذلك منهم فعليه دم جنايةٍ ({لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196]) وهو من كان من الحرم على مسافة القصر عندنا، فإنَّ من(3) كان على أقلَّ فهو مقيم الحرم أو في حكمه، ومَنْ مسكنه وراء الميقات عنده، وأهل الحرم عند طاوسٍ، وغير المكِّيِّ عند مالكٍ. ولفظ رواية أبوي ذرٍّ والوقت: ”{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}“ إلى قوله: ”{حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}“ فأسقطا بقيَّة الآية.


[1] «أي»: ليس في (د).
[2] في (د) و(م): «استيسر».
[3] «من»: ليس في (د).