إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قالت النساء للنبي: غلبنا عليك الرجال

          101- 102- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) غير منصرفٍ للعجمة والعلميَّة على القول بعجمته، وإلَّا فالعلميَّة ووزن الفعل، وهو ابن أبي إياسٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد (ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ) بفتح الهمزة وقد تُكْسَر، وقد تُبدَل باؤها فاءً، عبد الرَّحمن بن عبد الله الكوفيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ) بالذَّال المُعجَمَة وسكون الكاف، حال كونه‼ (يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ) سعد بن مالكٍ ☺ (قَالَ) أي: قال أبو سعيدٍ: (قَالَ النِّسَاءُ) وفي رواية بإسقاط ”قال“ الأولى، ولغير أبي ذَرٍّ وأبي الوقت وابن عساكر(1): ”قالتِ النِّساء“ بتاء التَّأنيث، وكلاهما جائزٌ في فعل اسم الجمع (لِلنَّبِيِّ صلعم : غَلَبَنَا) بفتح المُوحَّدة (عَلَيْكَ الرِّجَالُ) بملازمتهم لك كلَّ الأيَّام يتعلَّمون الدِّين، ونحن نساءٌ ضعفةٌ لا نقدر على مُزاحَمتهم (فَاجْعَلْ) أي: انظر لنا فَعَيِّن (لَنَا يَوْمًا) من الأيَّام تعلِّمنا فيه، يكون منشؤه (مِنْ نَفْسِكَ) أي: من اختيارك لا من اختيارنا، وعبَّر عنِ التَّعيين بـ «الجعل» لأنَّه لازمه (فَوَعَدَهُنَّ) ╕ (يَوْمًا) ليعلِّمهنَّ فيه(2) (لَقِيَهُنَّ فِيهِ) أي: في اليوم الموعود به، و«يومًا» نصب مفعول ثانٍ لـ «وعد»، قال العينيُّ(3): فإن قلت: عطف الجملة الخبريَّة وهي «فوعدهنَّ» على الإنشائيَّة وهي «فاجعل لنا»، وقد منعه ابن عصفورٍ وابن مالكٍ وغيرهما، أُجِيب: بأنَّ العطف ليس على قوله: «فاجعل لنا يومًا»، بل العطف على جميع الجملة من قوله: غلبنا عليك الرِّجال فاجعل لنا يومًا(4) من نفسك. انتهى. (فَوَعَظَهُنَّ) ╕ ، أي: فوفَّى ╕ بوعدهنَّ ولقيَهنَّ، فوعظهنَّ بمواعظ (وَأَمَرَهُنَّ) بأمورٍ دينيَّةٍ (فَكَانَ(5) فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا كَانَ) التَّقديمُ (لَهَا حِجَابًا) بالنَّصب(6) خبر «كان»، وللأَصيليِّ: ”ما منكنَّ مِن ِامرأةٍ“ بزيادة «مِن» زِيدَت تأكيدًا كما قاله البرماويُّ، وللأَصيليِّ وابن عساكر والحَمُّويي: ”حجابٌ“ بالرَّفع على أنَّ «كان» تامَّةً، أي: حصل لها حجابٌ (مِنَ النَّارِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَ) من قدَّم (اثْنَيْنِ؟) ولكريمة: ”واثنتين“ بتاء التَّأنيث، والسَّائلة هي أمُّ سُليمٍ كما(7) عند أحمد والطَّبرانيِّ، أوأمُّ أيمن كما عند الطَّبرانيِّ في «الأوسط»، أو أمُّ مبشِّرٍ _بالمُعجَمَة المُشدَّدة_ كما بيَّنه المؤلِّف (فَقَالَ)(8) صلعم : (وَ) من قدَّم (اثْنَيْنِ) ولكريمة: ”واثنتين“ أيضًا.
          تنبيه: حكم الرجل في ذلك كالمرأة.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا) وفي رواية أبوي ذَرٍّ والوقت: ”حدَّثني“ (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) المُلقَّب ببندارٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) هو محمَّد بن جعفرٍ البصريُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ ذَكْوَانَ) أبي صالحٍ، وأفاد المؤلِّف هنا تسمية ابن الأصبهانيِّ المُبهَم في الرِّواية السَّابقة (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أي: ”الخدريِّ“ كما للأَصيليِّ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم بِهَذَا) أي: بالحديث المذكور (وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ(9) الأَصْبَهَانِيِّ) الواو في «وعن» للعطف على قوله في السَّابقة: عن عبد الرَّحمن، والحاصل: أنَّ شعبة يرويه عن عبد الرَّحمن بإسنادين، فهو / موصولٌ، ومن زعم أنَّه مُعلَّقٌ فقد وهم، أنَّه(10) (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ) بالمُهمَلَة والزَّاي، سلمانَ الأشجعيَّ الكوفيَّ، المُتوفَّى في خلافة عمر بن عبد العزيز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ) وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”وقال“ بواو العطف على محذوفٍ تقديره مثله، أي: مثل حديث أبي سعيدٍ، وقال: (ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ) بكسر المُهمَلَة وبالمُثلَّثة، أي: الإثم، فزاد هذه على الرِّواية الأولى، والمعنى: أنَّهم ماتوا قبل البلوغ فلم يكتب الحنث(11) عليهم، ووجه اعتبار ذلك: أنَّ الأطفال أعلق بالقلوب، والمصيبة بهم عند النِّساء أشدُّ لأنَّ وقت الحضانة قائمٌ.


[1] «وأبي الوقت وابن عساكر»: سقط من (د).
[2] «ليعلمهنَّ فيه»: سقط من (د).
[3] «قال العينيُّ»: سقط من (ص) و(م).
[4] «يومًا»: سقط من (ص) و(م).
[5] في (ص): «فقال»، وهو تحريفٌ.
[6] «بالنَّصب»: سقط من (د).
[7] «كما»: سقط من (د).
[8] في (د): «قال».
[9] «ابن»: سقط من (م).
[10] «أنَّه»: مثبتٌ من (م).
[11] في (م): «الإثم».