إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق محمد بن بكر: ليس شيء من البيت مهجورًا

          1608- (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) بفتح المُوحَّدة البُرْسانيُّ: بضمِّها وسكون الرَّاء وبالسِّين المهملة نسبةً إلى بُرْسان، حيٌّ من الأزد (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز ونسبه لجدِّه لشهرته به قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَمْرُو / بْنُ دِينَارٍ) بفتح العين (عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ) مُؤنَّث «الأشعث» واسمه جابر بن زيدٍ، ممَّا وصله أحمد في «مسنده» (أَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ) استفهامٌ على جهة الإنكار التَّوبيخيِّ فلذا لم يحذف(1) الياء بعد القاف من قوله: (يَتَّقِي) أي: لا ينبغي لأحدٍ أن يتقي (شَيْئًا مِنَ البَيْتِ؟) الحرام (وَكَانَ مُعَاوِيَةُ) ☺ ، ممَّا وصله أحمد والتِّرمذيُّ والحاكم (يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ) الأربعة، وفي روايةٍ: ”فكان معاوية“ بالفاء، وحينئذٍ فتكون «من» شرطيَّةً على مذهب من لا يوجب الجزم فيه (فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ : إِنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ) اللَّذان يليان الحجر لأنَّهما لم يُتمَّما على قواعد إبراهيم، فليسا بركنين أصليَّين، و«يُستَلم»: بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح اللَّام مبنيًّا للمفعول الغائب، و«هذان»: نائبٌ عن الفاعل، و«الرُّكنان»: صفةٌ له، والهاء في «إنَّه»: ضمير الشَّأن، وللحَمُّويي والمُستملي _كما في نسخةٍ_(2): ”لا يَستلم“ بفتح المُثنَّاة(3) ”هذين الرُّكنين“ بالنَّصب على المفعوليَّة، والضَّمير(4) في «إنَّه» عائدٌ على النَّبيِّ صلعم ، وكذا فاعل «لا يستلم» ضميرٌ يعود(5) عليه صلعم ، وفي روايةٍ عزاها في «اليونينيَّة» لأبي ذرٍّ عن(6) الحَمُّويي والمُستملي والأَصيليِّ: ”لا تَستلمْ“ بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وجزم الميم على النَّهي، وفي روايةٍ رابعةٍ: ”لا نستلم“ بالنُّون بدل(7) المُثنَّاة؛ بلفظ المتكلِّم (فَقَالَ) معاوية ☺ : (لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ البَيْتِ مَهْجُورًا) ولأبي ذرٍّ: ”بمهجورٍ“ بالمُوحَّدة قبل الميم، وهذا أجاب عنه إمامنا الشَّافعيُّ‼ بأنَّا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت، وكيف نهجره ونحن نطوف به؟! ولكنَّا نتَّبع السُّنَّة فعلًا وتركًا، ولو كان ترك استلامهما هجرًا لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا له، ولا قائل به، وقال الدَّاوديُّ: ظنَّ معاوية أنَّهما ركنا البيت الذي وُضِع عليه من أوَّل، وليس كذلك لِما سبق في(8) حديث عائشة.
          (وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ) عبد الله، ممَّا وصله ابن أبي شيبة (يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ) أي: الأربعة لأنَّه لمَّا عمَّر الكعبة أتمَّها على قواعد إبراهيم، كذا حمله ابن التِّين، فزال مانع عدم استلام الآخرين، ويؤيِّد هذا الحمل ما أخرجه الأزرقيُّ في «تاريخ مكَّة»: أنَّه لمَّا فرغ من بناء البيت وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه، وردَّ الرُّكنين على قواعد إبراهيم طاف للعمرة واستلم الأركان الأربعة، ولم يزل على بناء ابن الزُّبير، إذا طاف الطَّائف استلمها جميعًا حتَّى قُتِل ابن الزُّبير، ورُوِي أيضًا: أنَّ آدم لمَّا حجَّ استلم الأركان كلَّها، وكذا إبراهيم وإسماعيل.


[1] في (م): «تُحذَف».
[2] في (م): «الفتح»، وليس بصحيحٍ، وهو في «الفتح» (3/554) بالنُّون.
[3] زيد في (م): «الفوقيَّة».
[4] «والضَّمير»: سقط من (م).
[5] «يعود»: ليس في (م).
[6] «لأبي ذرٍّ عن»: ليس في (ص) و(م).
[7] في (ص): «بعد»، وليس بصحيحٍ.
[8] في (د) و(م): «من».