إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}

          ░47▒ (بَابُ قَولِ الله تَعَالَى: {جَعَلَ اللّهُ}) أي: صيَّر الله ({الْكَعْبَةَ}) وسُمِّيت بذلك لتكعُّبها ({الْبَيْتَ الْحَرَامَ}) عطف بيانٍ على جهة المدح ({قِيَامًا لِّلنَّاسِ}) انتعاشًا لهم، أي: سبب انتعاشهم في أمر معاشهم ومعادهم، يلوذ به الخائف ويأمن فيه الضَّعيف، ويربح فيه التُّجَّار ويتوجَّه إليه الحجُّاج والعمَّار، أو: ما يقوم به أمر دينهم ودنياهم({وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ}) الذي يُؤدَّى(1) فيه الحجُّ؛ وهو ذو الحجَّة ({وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ}) إشارةٌ إلى الجعل، أو إلى ما ذكر من الأمر بحفظ حرمة الإحرام وغيره ({لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} ) فإنَّ شرع الأحكام لدفع المضارِّ قبل وقوعها وجلب المنافع المترتِّبة عليها دليلُ حكمة الشَّارع وكمال علمه ({وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[المائدة:97]) تعميمٌ بعد تخصيصٍ، وقد أشار المؤلِّف بهذه الآية الكريمة إلى أنَّ قوام أمور النَّاس وانتعاش أمر دينهم بالكعبة المُشرَّفة، فإذا زالت الكعبة على يد ذي السُّويقتين تختلُّ أمور النَّاس؛ فلذا أورد حديث أبي هريرة.


[1] في (د): «يُروَى»، وهو تحريفٌ.