إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أمر النبي عليًا أن يقيم على إحرامه

          1557- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن بشير(1) بن فرقد الحنظليُّ التَّميميُّ البلخيُّ (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (قَالَ عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباحٍ: (قَالَ جَابِرٌ) هو ابن عبد الله الأنصاريُّ ( ☺ : أَمَرَ النَّبِيُّ صلعم عَلِيًّا ☺ ) هو ابن أبي طالبٍ حين قدم مكَّة من اليمن ومعه هديٌ (أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ) الذي كان أحرم‼ به كإحرام النَّبيِّ صلعم ، ولا يحلُّ لأنَّ معه الهدي (وَذَكَرَ) أي: جابرٌ في حديثه، فهو من مقول عطاءٍ، أو المكِّيُّ بن إبراهيم، فيكون من مقول البخاريِّ (قَوْلَ سُرَاقَةَ) بضمِّ السِّين المهملة وفتح القاف ابن مالك بن جُعْشُم بضمِّ الجيم والشِّين المعجمة بينهما مهملةٌ ساكنةٌ، المذكور في «باب عمرة التَّنعيم» من حديث حبيبٍ المعلِّم عن عطاءٍ: حدَّثني جابرٌ «أنَّ رسول الله صلعم أهلَّ هو وأصحابه بالحجِّ، وليس مع أحدٍ منهم هديٌ غير النَّبيِّ صلعم وطلحة، وكان عليٌّ ☺ قدم من اليمن ومعه هديٌ...» الحديثَ، [خ¦1785] وفيه: أنَّ سراقة لقي النَّبيَّ(2) صلعم بالعقبة، وهو يرميها فقال: ألكم هذه خاصَّةً يا رسول الله / ؟ قال: «بل لأبد الأبد» أي: أنَّ أفعال العمرة تدخل في أفعال الحجِّ للقارن دائمًا لا في خصوص تلك السَّنة.
          وفي هذا الحديث: التَّحديثُ والعنعنة والقول؛ قال عطاءٌ وقال جابرٌ، وهو صورة التَّعليق، وهو من الرُّباعيَّات.
          1558- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الخَلَّالُ) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللَّام الأولى (الهُذَلِيُّ) بضمِّ الهاء وفتح الذَّال المعجمة؛ نسبةً إلى هُذَيْل بن مدركة المُتوفَّى سنة اثنتين وأربعين ومئتين، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ) بن عبد الوارث بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ) بفتح السِّين وكسر اللَّام، و«حَيَّان»: بفتح الحاء المهملة وتشديد المُثنَّاة التَّحتيَّة (قَالَ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ) بالصَّاد المهملة والفاء أبوخليفة(3) البصريّ، قِيلَ: اسم أبيه خاقان، وقِيلَ: سالمٌ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ قَالَ: قَدِمَ عَلِيٌّ ☺ عَلَى النَّبِيِّ صلعم ) مكَّةَ (مِنَ اليَمَنِ، فَقَالَ) ╕ له: (بِمَا أَهْلَلْتَ؟) أي: أحرمتَ، وأثبت ألف «ما» الاستفهاميَّة مع دخول الجارِّ عليها وهو قليلٌ، ولأبي ذرٍّ: ”بِمَ“ بحذفها على الكثير الشَّائع نحو: {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا}[النازعات:43] {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ}[النبأ:1] (قَالَ) عليٌّ(4) ☺ : (بِمَا أَهَلَّ) أي: بالذي أحرمَ (بِهِ النَّبِيُّ صلعم ، فَقَالَ) ╕ : (لَوْلَا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لأَحْلَلْتُ) من الإحرام وتمتَّعت لأنَّ صاحب الهدي لا يتحلَّل حتَّى يبلغ الهديُ مَحِلَّه، وهو يوم النَّحر، واللَّام في «لَأحللت» للتَّأكيد.
          وأخرج هذا الحديث مسلمٌ والتِّرمذيُّ في «الحجُّ»(5).
          (وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) بفتح المُوحَّدة وسكون الكاف البُرسَانيُّ؛ بضمِّ المُوحَّدة وفتح السِّين المهملة، ممَّا وصله الإسماعيليُّ من طريق محمَّد بن بشَّارٍ وأبو عَوانة في «صحيحه» عن عمَّارٍ، كلاهما عنه (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلعم : بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلعم قَالَ: فَأَهْدِ) بهمزة قطعٍ مفتوحةٍ (وَامْكُثْ) بهمزة وصلٍ؛ أي(6): اِلْبَثْ حال كونك‼ (حَرَامًا) أي: محرمًا (كَمَا أَنْتَ) أي: على ما أنت عليه من حقِّ(7) الإحرام إلى الفراغ من الحجِّ، و«ما»: موصولةٌ، و«أنت»: مبتدأٌ حُذِف خبره، أو خبرٌ حُذِف مبتدؤه(8)، أي: كالذي هو أنت، أو «ما»: زائدةٌ ملغاةٌ، والكاف جارَّةٌ، و«أنت»: ضميرٌ مرفوعٌ أُنيب عن المجرور كقولهم: ما أنا كأنت، والمعنى: كن فيما يُستقبَل مماثلًا لنفسك فيما مضى، أو «ما»: كافَّةٌ، و«أنت»: مبتدأٌ حُذِف خبره، أي: عليه أو كائنٌ، قال البرماويُّ _كالكِرمانيِّ_ وفي الحديث أنَّ عليًّا كان قارنًا لأنَّ الدَّم إمَّا على متمتِّعٍ أو قارنٍ، وليس متمتِّعًا لأنَّ قوله: «امكث» يدلُّ على عدمه.


[1] في غير (د) و(س): «بشر»، وهو تحريفٌ.
[2] في غير (د): «رسول الله»، والمثبت موافقٌ لما في «صحيح البخاريِّ».
[3] في (د): «خلفٍ».
[4] «عليٌّ»: ليس في (م).
[5] «والتِّرمذيُّ في الحجِّ»: ليس في (ص).
[6] «أي»: ليس في (د).
[7] «حقِّ»: ليس في (ص) و(م).
[8] «أو خبرٌ حُذِفَ مبتدؤه»: ليس في (ص).