إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أمر النبي بزكاة الفطر صاعًا من تمر

          1507- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) هو أحمد بن عبد الله بن يونس التَّميميُّ(1) قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”أنَّ عبد الله بن عمر ☻ قال“ : (أَمَرَ النَّبِيُّ صلعم بِزَكَاةِ الفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر ☻ : (فَجَعَلَ النَّاسُ) أي: معاوية ومن معه؛ كما صرَّح به / في الرِّواية الأخرى [خ¦1508] (عِدْلَهُ) قال في «القاموس»: العَدل_أي: بالفتح_: المِثْل والنَّظير؛ كالعِدل _أي: بالكسر_ والعَديل، والجمع: أَعْدَالٌ وعُدَلاءُ والكيلُ. انتهى(2). وقال الأخفش: بالكسر: المثل، وبالفتح: مصدرٌ، وقال الفرَّاء: بالفتح: ما عادل(3) الشَّيء من غير جنسه، وبالكسر: المثل، وقال غيره بالعكس (مُدَّيْنِ) تثنية مُدٍّ؛ وهو رُبع الصَّاع (مِنْ حِنْطَةٍ) وظاهره أنَّه فعل ذلك بالاجتهاد بناءً على أنَّ قِيَمَ ما عدا الحنطة متساويةٌ، وكانت الحنطة إذ ذاك غالية الثَّمن؛ لكن يلزم عليه أن تُعتبَر القيمة في كلِّ زمانٍ فيختلف الحال، ولا ينضبط، وربَّما لزم في بعض الأحيان إخراج آصُعٍ من الحنطة، ويدلُّ على أنَّهم لحظوا ذلك ما روى جعفرٌ الفريابيُّ في «كتاب صدقة الفطر»: أنَّ ابن عبَّاس لمَّا كان أمير البصرة؛ أمرهم بإخراج زكاة الفطر، وبيَّن لهم أنَّها صاعٌ من تمرٍ إلى أن قال: أو نصفُ صاعٍ من بُرٍّ، قال: فلمَّا جاء عليٌّ ورأى رُخْصَ أسعارِهم؛ قال: اجعلوها صاعًا من كلٍّ، فدلَّ على أنَّه كان ينظر إلى القيمة في ذلك، قاله في «فتح الباري»، لكن في حديث ثعلبة بن أبي صُعَيرٍ(4) عن أبيه قال: قال رسول الله صلعم «زكاة الفطر صاعٌ من بُرٍّ أو قمحٍ عن كلِّ اثنين»، رواه أبو داود، أي: مجزئٌ(5) عنهما، وهذا نصٌّ صريحٌ، ولا اجتهاد مع النَّصِّ(6)، وهو مذهب أبي حنيفة ☼ _كما مرَّ_ لكنَّ حديث ثعلبة فيه: النُّعمان بن راشدٍ، لا يُحتَجُّ به، وقال البخاريُّ فيه: يَهِمُ(7) كثيرًا، وقال أحمد: ليس حديثه بصحيحٍ، وبقيَّة مباحث هذا الحديث(8) تأتي قريبًا إنْ شاء الله تعالى.


[1] في غير (د) و(س): «التَّيميُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] «انتهى»: ليس في (د)، وفيها: «والكيل للتَّمر».
[3] في (د): «عدل».
[4] في (د): «صغير»، وهو تصحيفٌ.
[5] في (ص): «يجزئ».
[6] قوله: «وهذا نصٌّ صريحٌ، ولا اجتهاد مع النَّصِّ»، سقط من (د) و(م).
[7] في غير (ص) و(م): «يُتَّهمَ».
[8] «الحديث»: ليس في (د).