إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم

          80- وبالسَّند السَّابق إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ) ضدَّ الميمنة؛ المنقريُّ / البصريُّ، المُتوفَّى سنة ثلاثٍ وعشرين ومئتين (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيد بن ذكوان التَّميميُّ(1) البصريُّ (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) بفتح المثنَّاة الفوقيَّة وتشديد التَّحتيَّة آخره مُهمَلَةٌ، يزيد بن حميدٍ الضُّبعيِّ، المُتوفَّى سنة ثمانٍ وعشرين ومئةٍ (عَنْ أَنَسٍ) وللأَصيليِّ زيادة: ”ابن مالكٍ“ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) بفتح الهمزة، أي: علاماتها (أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ) بموت حَملَته، وقبض نَقَلَته، لا بمحوه من صدورهم، و«يُرفَع» بضمِّ أوَّله، وعند النَّسائيِّ: «من أشراط السَّاعة» بحذف «إنَّ» وحينئذٍ فيكون محلُّ «أنْ يُرفَع العلمُ» رفعًا على الابتداء، وخبرُه مُقدَّمٌ (وَ) أن (يَثْبُتَ الجَهْلُ) بفتح المُثنَّاة التَّحتيَّة مِنَ الثُّبوت بالمُثلَّثة؛ وهو ضدُّ النَّفيِ، وعند مسلمٍ: «ويُبَثَّ» مِنَ البثِّ؛ بمُوحَّدةٍ فمُثلَّثةٍ؛ وهو الظُّهور والفشوُّ(2) (وَ) أن (يُشْرَبَ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة (الخَمْرُ) أي: يكثر شربه، وفي «النِّكاح» من طريق هشام عن قتادة: «ويكثر شرب الخمر» [خ¦5231] فالمُطلَق محمولٌ على المُقيَّد خلافًا لمن ذهب إلى أنَّه لا يجب حمله عليه، والاحتياط(3) بالحمل(4) ههنا أَوْلى لأنَّ حمل كلام النُّبوَّة على أقوى محامله(5) أقرب، فإنَّ السِّياق يفهم أنَّ المُرَاد بـ «أشراط السَّاعة» وقوع أشياء لم تكن معهودةً حين المقالة، فإذا ذكر شيئًا كان موجودًا عند المقالة؛ فحمله على أنَّ المُرَاد بجعله علامة أن يتَّصف بصفةٍ زائدةٍ على ما كان موجودًا _كالكثرة والشُّهرة_ أقرب (وَ) أن (يَظْهَرَ) أي: يفشو (الزِّنَى) بالقصر على لغة أهل الحجاز، وبها جاء التَّنزيل، وبالمدِّ لأهل نجدٍ، والنِّسبة إلى الأوَّل: زنويٌّ، وإلى الآخر: زناويٌّ، فوجود الأربع هو العلامة لوقوع الساعة.


[1] في (ص) و(م): «التَّيميُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] في (ص): «والنُّشور».
[3] «والاحتياط»: سقط من (م).
[4] في (ص): «والعمل»، وفي (م): «فالعمل»، وهو تحريفٌ.
[5] في (ص): «محلٍّ له».