إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن أخًا لكم لا يقول الرفث

          1155- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو يحيى بن عبد الله بن بكيرٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) / بن سعدٍ الإمامُ (عَنْ يُونُسَ) بن يزيد الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (الهَيْثَمُ) بفتح الهاء وسكون المثنَّاة التَّحتيَّة، بعدها مثلَّثةٌ مفتوحةٌ (ابْنُ أَبِي سِنَانٍ) بكسر المهملة ونونين، الأولى خفيفةٌ (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ وَهُوَ يَقْصُصُ) بسكون القاف، جملةٌ حاليَّةٌ، ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: ”(1)يقصُّ(2)“ (فِي) جملة (قِصَصِهِ) بكسر القاف، جمع قصَّةٍ، والَّذي في «اليونينيَّة» وفرعها: فتح قاف «قَصصه»(3)، أي: مواعظه (وَهُوَ) أي: والحال أنَّه (يَذْكُرُ رَسُولَ اللهِ صلعم : إِنَّ أَخًا لَكُمْ) هو قول أبي هريرة، أو من قول النَّبيِّ صلعم ، والمعنى: أنَّ الهيثم سمع أبا هريرة يقول وهو يعظ، وانجرَّ كلامه‼ إلى ذكره ╕ ، وذكر ما قال من قوله ◙ : «إنَّ أخًا لكم» (لَا يَقُولُ: الرَّفَثَ) يعني: الباطل من القول والفحش، قال الهيثم أو قال(4) الزُّهريُّ: (يَعْنِي بِذَلِكَ: عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ) بفتح الرَّاء وتخفيف الواو وفتح الحاء، الأنصاريَّ الخزرجيَّ، حيث قال يمدح النَّبيَّ صلعم : (وَفِينَا رَسُولُ اللهِ يَتْلُو كِتَابَهُ) القرآن، والجملة حاليَّةٌ (إِذَا) ولأبي الوقت في نسخةٍ: ”كما“ (انْشَقَّ مَعْرُوفٌ) فاعل «انشقَّ» (مِنَ الفَجْرِ) بيانٌ لـ «معروف» (سَاطِعُ) مرتفعٌ، صفةٌ لـ «معروف» أي: أنَّه يتلو كتاب الله وقت انشقاق الوقت السَّاطع من الفجر (أَرَانَا) ولأبي الوقت: ”أنار“ (الهُدَى) مفعولٌ ثانٍ لـ «أرانا» (بَعْدَ العَمَى) بعد الضَّلالة (فَقُلُوبُنَا بِهِ) صلعم (مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ) من المغيَّبات (وَاقِعُ، يَبِيتُ) حال كونه (يُجَافِي) يرفع (جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ) كنايةٌ عن صلاته باللَّيل (إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ) وهذه الأبيات من الطَّويل، وأجزاؤه ثمانيةٌ وهي(5): فَعولُن مَفاعيلُن... إلى آخره، و(6)البيت الأخير منها بمعنى(7) التَّرجمة؛ لأنَّ التَّعارَّ هو: السَّهر والتَّقلُّب على الفراش، وكان ذلك إمَّا للصَّلاة أو للذِّكر أوللقراءة، وفي البيت الأوَّل الإشارة إلى علمه(8) صلعم ، وفي الثَّالث إلى عمله، وفي الثَّاني إلى تكميله الغير، فهو صلعم كاملٌ مكمِّـَلٌ(9).
          (تَابَعَهُ) أي: تابع يونسَ بن يزيد (عُقَيْلٌ) بضمِّ العين وفتح القاف، ابن خالدٍ، عن ابن شهابٍ فيما أخرجه الطَّبرانيُّ في «الكبير» (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ) بضمِّ الزَّاي وفتح الموحَّدة، محمَّد ابن الوليد الحمصيُّ ممَّا وصله البخاريُّ في «التَّاريخ الصَّغير»، والطَّبرانيُّ في «الكبير» قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد(10)، محمَّد بن مسلمٍ (الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ) هو ابن المسَيَّب (وَالأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هُرمزٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ ) وأشار به إلى أنَّه اختُلِفَ على الزُّهريِّ في هذا الإسناد، فاتَّفق يونس وعُقَيلٌ على أنَّ شيخه فيه الهيثم، وخالفهما الزُّبيديُّ فأبدله بسعيد بن المسيَّب والأعرج، قال الحافظ ابن حجرٍ: ولا يبعد أن يكون الطَّريقان صحيحين، فإنَّهم حفَّاظٌ ثقاتٌ، والزُّهريُّ صاحب حديثٍ مكثرٌ، ولكنَّ ظاهر صنيع البخاريِّ ترجيح رواية يونس لمتابعة عُقَيلٍ له، بخلاف الزُّبيديِّ.


[1] زيد في (ب) و(د) و(س): «وهو»، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».
[2] في (م): «تقصُّ»، وهو تحريفٌ.
[3] في (ص): «بفتحها في اليونينيَّة»، بدلًا من قوله: «والَّذي في اليونينيَّة وفرعها: فتح قاف قَصصه»، وسقطت كل العبارة من (م).
[4] «قال»: ليس في (ص) و(م).
[5] «وهي»: مثبتٌ من (ص) و(م).
[6] زيد في (د): «في».
[7] في (د) و(م): «معنى».
[8] في (ص): «عمله».
[9] قوله: «وفي البيت الأوَّل الإشارة إلى علمه صلعم،... كاملٌ مكمِّـَلٌ»، سقط من (م).
[10] «بالإفراد»: ليس في (د).