إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة

          1144- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ) سلام بن سليمٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا) ولأبي ذَرٍّ: ”أخبرنا“ (مَنْصُورٌ) هو ابن المعتمِر (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بن سلمة (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ( ☺ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم رَجُلٌ) قال الحافظ ابن حجرٍ: لم أقف على اسمه، لكن أخرج سعيد بن منصورٍ عن عبد الرَّحمن بن يزيد النَّخَعيِّ عن ابن مسعودٍ ما يُؤخذ منه أنَّه هو، ولفظه بعد سياق الحديث بنحوه: «وايم الله، لقد بال في أذن صاحبكم ليلةً» يعني: نفسَه (فَقِيلَ) أي: قال رجلٌ من الحاضرين: (مَا زَالَ) الرَّجل المذكور (نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ) اللَّام للجنس، أو المراد: المكتوبة فتكون للعهد، ويدلُّ له قول سفيان فيما أخرجه ابن حبَّان في «صحيحه»: «هذا عبدٌ نام عن الفريضة» (فَقَالَ) ╕ : (بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُْنِهِ) بضمِّ الهمزة والذَّال وسكونها، ولا استحالة أن يكون بولُه حقيقةً؛ لأنَّه ثبت أنَّه يأكل ويشرب وينكح، فلا مانع من بوله، أو هو كنايةٌ عن صرفه عن الصَّارخ بما يقرُّه في أذنه حتَّى لا ينتبه، فكأنَّه ألقى في أذنه بولَه، فاعتلَّ سمعه بسبب ذلك، وقال التُّوربشتيُّ: يحتمل أن يقال: إنَّ الشَّيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فأحدث في أذنه وقرًا عن استماع دعوة الحقِّ، وقال في «شرح المشكاة»: خصَّ الأذن بالذِّكر والعينُ أنسب بالنَّوم؛ إشارةً إلى ثقل النَّوم، فإنَّ المسامع هي موارد الانتباه بالأصوات، ونداء: حيَّ على الصَّلاة(1)، قال الله تعالى: { فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ}[الكهف:11] أي: أنمناهم إنامةً ثقيلةً لا تُنَبِّهُهُم فيها الأصواتُ، وخُصَّ البول من بين الأخبثين؛ لأنَّه مع خباثته أسهل مدخلًا في تجاويف الخروق والعروق ونفوذه فيها، فيورث الكسل في جميع الأعضاء.
          ورواة هذا(2) الحديث كوفيُّون إلَّا شيخ المؤلِّف فبصريٌّ، وفيه التَّحديث، والإخبار، والعنعنة، والقول، وأخرجه المؤلِّف في «صفة إبليس» [خ¦3270]، ومسلمٌ والنَّسائيُّ وابن ماجه في «الصَّلاة».


[1] في (ص) و(م): «الفلاح». وكذا هو في شرح المشكاة.
[2] «هذا»: ليس في (ص) و(م).