إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي كان إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه

          1136- وبه قال: (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) بضمِّ العين، الحوضيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن عبد الرَّحمن الطحَّان (عَنْ حُصَيْنٍ) بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، ابن عبد الرَّحمن السُّلَمِيِّ (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بن سلمة (عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليمان ( ☺ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ) أي: إذا قام لعادته (مِنَ اللَّيْلِ؛ يَشُوصُ) بشينٍ معجمةٍ وصادٍ مهملةٍ، أي: يدلك (فَاهُ بِالسِّوَاكِ) استشكل ابن بطَّال(1) هذا الحديث حتَّى عدَّ ذكره هنا(2) غلطًا من ناسخٍ، أو أنَّ المؤلِّف اخترمته المنيَّة قبل تنقيحه، وأجيب باحتمال أنَّه أراد حديث حذيفة في مسلمٍ: أنَّه صلعم قرأ البقرة والنِّساء وآل عمران‼ في ركعةٍ، لكن لم يذكره؛ لأنَّه ليس على شرطه، وأنَّ رؤية(3) شوصه بالسِّواك هي ليلة صلَّى فيها، فحكى البخاريُّ بعضه تنبيهًا على بقيَّته، أو تنبيهًا بأحد حديثَي حذيفة على الآخر، وقال ابن المنيِّر: يحتمل عندي أن يكون أشار بمعنى(4) التَّرجمة من جهة أنَّ استعمال السِّواك حينئذٍ يدلُّ على ما يناسبه من كمال الهيئة والتَّأهُّب للعبادة، وأخذ النَّفس حينئذٍ بما تؤخذ به في النَّهار، وكأنَّ ليله ╕ نهارٌ، وهو دليل طول القيام فيه، ويُدفع أيضًا وهم من لعلَّه يتوهَّم أنَّ القيام كان خفيفًا بما ورد من حديث ابن عبَّاسٍ [خ¦138]: فتوضَّأ وضوءًا خفيفًا، وابن عبَّاس إنَّما أراد وضوءًا رشيقًا مع إكمالٍ(5) وإسباغٍ يدلُّ على كماله. انتهى. وتعقَّبه في «المصابيح» فقال: أطال الخِطابة ولم يكشف الخَطْب، والحقُّ أحقُّ أن يُتَّبع. انتهى. وقال ابن رشيدٍ: إنَّما أدخله؛ لقوله: «إذا قام للتَّهجُّد»، أي: إذا قام لعادته(6).
          وقد بُيِّنت(7) عادته في الحديث الآخر، ولفظ «التَّهجُّد» مع ذلك مُشعِرٌ بالسَّهر، ولا شكَّ(8) أنَّ في التَّسوُّك(9) عونًا على دفع النَّوم؛ فهو مُشعرٌ بالاستعداد للإطالة(10)، قال في «الفتح»(11): وهذا أقرب هذه التَّوجيهات.
          ورواة هذا الحديث ما بين بصريٍّ(12) وواسطيٍّ وكوفيِّ، وفيه التَّحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في «السِّواك»، كما سبق في «الوضوء» [خ¦245].


[1] في (د): «الخطابي»، وليس بصحيحٍ، ولعلَّه تحريف.
[2] «هنا»: ليس في (د)، وفي (ص): «فيه».
[3] في (ب): «رواية».
[4] في (د): «إلى معنى».
[5] في غير (د) و(ص): «كمال».
[6] قوله: «استشكل ابن بطَّال هذا الحديث حتَّى عدَّ ذكره... إذا قام للتَّهجُّد؛ أي: إذا قام لعادته»، سقط من (م).
[7] في (د) و(ص): «تبيَّنت».
[8] في (م): «ريب».
[9] في (ب) و(س): «السِّواك».
[10] قوله: «وقد بُيِّنت عادته في الحديث الآخر... فهو مُشعرٌ بالاستعداد للإطالة»، تكرر في (د) سابقًا بعد قوله: «أي: يدلك فاه بالسِّواك»، ثمَّ غيَّر النَّاسخ في العبارة اللَّاحقة فجاءت: «قاله ابن رشيد مجيبًا به عن استشكال ابن بطَّال إيراد المؤلِّف له هنا».
[11] في (د) و(ص): «فتح الباري».
[12] في (د): «مصريٍّ»، وليس بصحيحٍ.