إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء

          ░13▒ (بابُ الجَمْعِ فِي السَّفَرِ) الطَّويل لا القصير (بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ) والظُّهر والعصر، لا الصُّبح مع غيرها، والعصر مع المغرب لعدم وروده، ولا في القصير لأنَّ ذلك إخراجُ عبادةٍ عن وقتها، فاختَصَّ بالطَّويل ولو لمكيٍّ لأنَّ الجمع للسَّفر لا للنُّسك، ويكون تقديمًا وتأخيرًا، فيجوز في الجُمُعة والعصر تقديمًا _كما نقله الزَّركشيُّ واعتمده_ لا تأخيرًا لأنَّ الجُمعة لا يتأتَّى تأخيرها عن وقتها، ولا تَجمَعُ المتحيِّرة تقديمًا، والأفضل تأخير الأولى إلى الثَّانية للسائر وقت الأولى ولمن بات بمزدلفة، وتقديمُ الثَّانية إلى الأولى للنَّازل في وقتها والواقف بعرفة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وإلى جواز الجمع ذهب كثيرٌ من الصَّحابة والتَّابعين، ومن الفقهاء: الثَّوريُّ والشَّافعيُّ وأحمد وإسحاق وأشهب، ومنعه قومٌ مطلقًا‼ إلَّا بعرفة فيجمع بين الظُّهر والعصر، ومزدلفة فيجمع بين المغرب والعشاء، وهو قول الحسن والنَّخعيِّ وأبي حنيفة وصاحبيه، وقال المالكيَّة: يختصُّ بمن يَجِدُّ في السَّير، وبه قال اللَّيث، وقيل: يختصُّ بالسَّائر دون النَّازل، وهو قول ابن حبيب، وقيل: يختصُّ بمن له عُذرٌ، وحُكي عن الأوزاعيِّ، وقيل: يجوز جمع التَّأخير دون التَّقديم، وهو مرويٌّ عن مالكٍ وأحمد، واختاره ابن حزمٍ.