إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خسفت الشمس على عهد رسول الله فخرج يجر رداءه

          1063- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) بفتح الميمَين، عبد الله بن عمرو المقعد المِنْقَرِيُّ، بكسر الميم وسكون النُّون وفتح القاف، البصريُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ التَّنوريُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ) بن عبيدٍ (عَنِ الحَسَنِ) البصريِّ (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) نفيع بن الحارث ☺ (قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ) بالخاء المفتوحة / (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”النَّبيِّ“ ( صلعم ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ) لكونه مستعجلًا (حَتَّى انْتَهَى إِلَى المَسْجِدِ، وَثَابَ النَّاسُ إِلَيْهِ) بالمثلَّثة‼، أي: اجتمعوا إليه (فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ) بزيادة ركوعٍ في كلِّ ركعةٍ (فَانْجَلَتِ الشَّمْسُ) بنونٍ بعد الألف (فَقَالَ) ╕ : (إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَخْسِفَانِ) بفتح المثنَّاة التَّحتيَّة وسكون الخاء وكسر السِّين (لِمَوْتِ أَحَدٍ) ولأبي الوقت في غير «اليونينيَّة»(1): ”ولا لحياته“ (وَإِذَا) بالواو، ولأبي ذَرٍّ: ”فإذا“ (كَانَ ذَاكَ) أي: الكسوف فيهما، وللأربعة(2): ”ذلك“ باللَّام (فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ) بضمِّ أوَّله وفتح الشِّين، وفي روايةٍ: «حتَّى(3) يَنْكَشِفَ» بفتح أوَّله وزيادة نونٍ ساكنةٍ وكسر الشِّين، غايةٌ لمقدَّرٍ(4)، أي: صلُّوا مِن(5) ابتداء الخسوف منتهين، إمَّا إلى الانجلاء، أو إحداث الله أمرًا، وهذا موضع التَّرجمة؛ إذ أمر بالصَّلاة بعد قوله: «إنَّ الشَّمس والقمر...»، وعند ابن حبَّان من طريق نوح بن قيسٍ عن يونس بن عبيدٍ في هذا الحديث: «فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلُّوا...» وهو أدخل في الباب من قوله هنا: «فإذا كان ذلك...» لأنَّ الأوَّل نصٌّ، وهذا محتملٌ لأن تكون الإشارة عائدةً إلى كسوف الشَّمس، لكنَّ الظَّاهر عود ذلك إلى خسوفهما معًا، وأَصْرَح من ذلك ما وقع في حديث أبي مسعودٍ السَّابق: «كسوف أيِّهما انكسف» [خ¦1041]، وعند ابن حبَّان من طريق النَّضر بن شميلٍ عن أشعث بإسناده في هذا الحديث: «صلَّى في كسوف الشَّمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم...» وفيه ردٌّ على مَن أطلق _كابن رُشَيدٍ_: أنَّه صلعم لم يصلِّ فيه، وأَوَّلَ بعضُهم قوله: «صلَّى» أي: أمر بالصَّلاة جمعًا بين الرِّوايتَين، وذكر صاحب «جمع العدَّة»: أنَّ خسوف القمر وقع في السَّنة الرَّابعة في جمادى الآخرة، ولم يشتهر أنَّه صلعم جمع له النَّاس للصَّلاة، وقال صاحب «الهدى»: لم يُنقل أنَّه صلَّى في كسوف القمر في جماعةٍ، لكن حكى ابن حبَّان في «السِّيرة» له(6): أنَّ القمر خسف في السَّنة الخامسة، فصلَّى النَّبيُّ صلعم بأصحابه الكسوف، فكانت أوَّل صلاة كسوفٍ في الإسلام، قال في «فتح الباري»: وهذا إن ثبت انتفى التَّأويل المذكور. وقال مالكٌ والكوفيُّون: يصلَّى في كسوف القمر فرادى ركعتين كسائر النَّوافل، في كلِّ ركعةٍ ركوعٌ واحدٌ وقيامٌ واحدٌ، ولا يُجمَع لها، بل يصلُّونها أفرادًا إذ لم يَرِد(7) أنَّه ╕ صلَّاها في جماعةٍ، ولا دعا إلى ذلك، ولأشهب جواز الجمع، قال اللَّخميُّ: وهو أبين، والمذهب: أنَّ النَّاس يصلُّونها في بيوتهم، ولا يكلَّفون الخروج لئلَّا يشقَّ ذلك عليهم (وَذَاكَ) وللأربعة: ”وذلك“ باللَّام (أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِيِّ صلعم مَاتَ، يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ فِي ذَاكَ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”في ذلك“ باللَّام‼ أي: قالوا ما كانوا يعتقدونه من أنَّ النَّيِّرَين يوجبان تغيُّرًا في العالم من موتٍ وضررٍ، فأعلمَ صلعم أنَّ ذلك باطلٌ.


[1] «في غير اليونينيَّة»: ليس في (م).
[2] كتب فوقها في (ص) الرموز «5 ط ص س» وقد سبق بيانها في المقدمة.
[3] «حتَّى»: ليس في (د) و(ص).
[4] في (ص): «المقدر».
[5] في غير (د) و(س): «في».
[6] «له»: ليس في (م).
[7] في (د): «لم يُروَ».