إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا

          1037- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذَرٍّ في نسخةٍ: ”حدَّثني“ (مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) العَنَزِيُّ(1) الزَّمِنُ البصريُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ) بتصغير الأوَّل مع التَّنكير، ابن يسارٍ _ضِدُّ اليمين_ البصريُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ) عبد الله بن أَرْطَبان، بفتح الهمزة، البصريُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب أنَّه(2) (قَالَ(3): اللَّهُمَّ) ولأبي ذرٍّ: ”قال(4): قال: اللَّهم“ أي: يا الله (بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا) كذا بصورة الموقوف على ابن عمر(5) من قوله، لم يرفعه إلى النَّبيِّ ╕ ، ولا بدَّ من ذكره _كما نبَّه عليه القابسيُّ_ لأنَّ مثله لا يقال بالرَّأي، وقد جاء مصرَّحًا برفعه(6) في رواية أزهر السَّمان، ووافقه عليه بعضهم كما سيأتي _إن شاء الله تعالى_ في «الفتن» [خ¦7094] والمرادُ بـ «شامنا» / و«يمننا» الإقليمانِ المعروفانِ، أو البلاد(7) الَّتي عن يميننا وشمالنا أعمُّ منهما (قَالَ: قَالُوا) أي: بعض الصَّحابة: (وَفِي نَجْدِنَا) وهو(8) خلاف الغَور، وهو تِهامة، وكلُّ ما ارتفع من بلاد تِهامة إلى أرض العراق (قَالَ: قَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”فقال: قال“ (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا، قَالَ: قَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: قَالَ: هُنَاكَ الزَّلَازِلُ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت وابن عساكر: ”هنالك“ بلام قبل الكاف (وَ) هناك (الفِتَنُ وَبِهَا) أي: بنجدٍ (يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ) أي: أُمَّته وحزبه، وإنَّما ترك الدُّعاء لأهل المشرق لأنَّه‼ علم العاقبة، وأنَّ القدر سبقَ بوقوع الفتن فيها والزَّلازل ونحوها من العقوبات، والأدب ألَّا يُدعى بخلاف القدر مع كشف العاقبة، بل يحرُم حينئذٍ، والله أعلم.
          تكميل: ويُستحبُّ لكلِّ أحدٍ أن يتضرَّع بالدُّعاء عند الزَّلازل ونحوها كالصَّواعق والرِّيح الشَّديدة والخسف، وأن يصلِّي منفردًا لئلَّا يكون غافلًا؛ لأنَّ عمر ☺ حثَّ على الصَّلاة في زلزلةٍ، ولا يُستحبُّ فيها الجماعة، وما رُويَ عن عليٍّ أنَّه صلَّى في زلزلةٍ جماعةً، قال النَّوويُّ: لم يصحَّ، ولو صحَّ قالَ أصحابنا: محمولٌ على الصَّلاة منفردًا، قال في «الرَّوضة»: قال الحَليميُّ: وصفتها عند ابن عبَّاسٍ وعائشة كصلاة الكسوف، ويحتمل ألَّا تُغيَّر عن المعهود إلَّا بتوقيفٍ، قال الزَّركشيُّ: وبهذا الاحتمال جزم ابن أبي الدَّم(9) فقال: تكون كهيئة الصَّلوات، ولا تُصلَّى على هيئة الخسوف قولًا واحدًا، ويُسنُّ الخروج إلى الصَّحراء وقت الزلزلة، قاله العبَّاديُّ، ويُقاس بها نحوها، وتقدَّم ما كان ╕ يقوله «إذا عصفت الرِّيح قريبًا...»، والله أعلم.


[1] في (د): «العنبري».
[2] ليست في (م).
[3] زيد في (د): «قال النَّبيُّ صلعم».
[4] «قال»: ليس في (د).
[5] زيد في (ب): «موقوفًا».
[6] في (د): «مصرَّحًا به».
[7] في (ص) و(م): « الإقليمين المعروفين أو المراد البلاد »، ولفظة: «البلاد» سقطت من (م).
[8] في (د): «وهي».
[9] في (ب): «الدُّنيا»، وليس بصحيحٍ.