إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة

          ░38▒ (بَابٌ) بالتَّنوين (إِذَا نَفَرَ النَّاسُ عَنِ الإِمَامِ) أي: خرجوا عن مجلسه، وذهبوا (فِي صَلَاةِ الجُمُعَةِ فَصَلَاةُ الإِمَامِ وَ) صلاة (مَنْ بَقِي) معه (جَائِزَةٌ) بالرَّفع خبر المبتدأ الَّذي هو «فصلاة الإمام»‼ وللأَصيليِّ: ”تامَّةٌ“ وظاهر التَّرجمة أنَّه(1) لا يُشترَط استدامة من تنعقد بهم الجمعة من ابتدائها إلى انتهائها، بل يُشترَط بقاء بقيَّة مّا منهم، ولم يذكر المؤلِّف ☼ حديثًا يستدلُّ به على عدد من تنعقد بهم(2) الجمعة لأنَّه لم يجد فيه(3) شيئًا على شرطه، ومذهبُ الشَّافعيَّة والحنابلة اشتراطُ أربعين، منهم الإمام، وأن يكونوا مسلمين أحرارًا مستوطنين ببلد الجمعة، لا يظعنون شتاءً ولا صيفًا إلَّا لحاجةٍ لحديث كعب بن مالكٍ قال: أوَّل من جَمَّعَ بنا في المدينة أسعد بن زُرَارة قبل مقدمه ╕ المدينة، في نقيع(4) الخَضِمَات، وكنَّا أربعين رجلًا(5). رواه البيهقيُّ وغيرُه، وصحَّحوه، وروى البيهقيُّ أيضًا: أنَّه(6) صلعم جَمَّعَ بالمدينة، وكانوا أربعين رجلًا، وعُورِض بأنَّه لا يدلُّ على شرطيَّته، وأُجيب بما قاله في «المجموع» / وهو أنَّ(7) الأصحاب قالوا: وجه الدَّلالة منه _أي: من حديث كعبٍ_ أنَّ الأمَّة أجمعوا على اشتراط العدد، والأصل الظُّهر، فلا تصحُّ الجمعة إلَّا بعددٍ ثبت فيه توقيفٌ، وقد ثبت جوازها بأربعين، وثبت: «صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي» [خ¦631]، ولم تثبت صلاته لها بأقلَّ من ذلك، فلا تجوز بأقلَّ منه، وقال المالكيَّة: اثني عشر لحديث الباب [خ¦936]، وقال أبو حنيفة ومحمَّدٌ: أربعةٌ بالإمام لأنَّ الجمع الصَّحيح إنَّما هو الثَّلاث؛ لأنَّه جمعٌ تسميةً ومعنًى، والجماعة شرطٌ(8) على حدةٍ، وكذا الإمام، فلا يعتبر منهم، وقال أبو يوسف: ثلاثةٌ به لأنَّ في الاثنين معنى الاجتماع، وهي منبئةٌ عنه. انتهى.


[1] في (ص) و(م): «أن».
[2] في (د) و(م): «به».
[3] في (د): «به».
[4] في (د): «بقيع»، وفي (م): «مقنع».
[5] «رجلًا»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[6] في (د): «أنَّ رسول الله».
[7] في (ب): «عن» بدل: «وهو أنَّ».
[8] في (د): «تُشرَط».