إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إني أريت الجنة فتناولت منها عنقودًا

          748- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هو ابن أبي أُوَيْسٍ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) هو ابن أنسٍ الأصبحيُّ، إمام دار الهجرة (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ) بالمُثنَّاة التَّحتيَّة والسِّين المُهمَلة المُخفَّفة (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ☻ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ) بفتح الخاء المُعجَمة (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر: ”على عهد النَّبيِّ“ ( صلعم ) فيه دليلٌ لمن يقول: إنَّ الخسوف يُطلَق على كسوف الشَّمس، لكنَّ الأكثر على استعماله في القمر، والكاف في الشَّمس (فَصَلَّى) ╕ صلاة الكسوف(1) المذكورة(2) في الباب السَّابق‼ [خ¦745] (قَالُوا) ولأبي ذَرٍّ: ”فقالوا“: (يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلُ) أصله: تتناول؛ بمُثنَّاتين فوقيَّتين، فحُذِفت إحداهما تخفيفًا، وللأَصيليِّ وابن عساكر: ”تناولت“ (شَيْئًا فِي مَقَامِكَ) بفتح الميم الأولى (ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ) أي: تأخَّرت ورجعت وراءك (قَالَ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”فقال“: (إِنِّي أُرِيتُ) بهمزةٍ مضمومةٍ ثمَّ راءٍ مكسورةٍ، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”رأيت“ (الجَنَّةَ) من غير حائلٍ (فَتَنَاوَلْتُ) أي: أردت أن آخذ (مِنْهَا عُنْقُودًا) بضمِّ العين، وعلى هذا التَّأويل لا تضادَّ بينه وبين قوله: (وَلَوْ أَخَذْتُهُ) أي: العنقود (لأَكَلْتُمْ) / بميم الجمع، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”لأكلت“ (مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا) أي: مدَّة بقاء الدُّنيا إلى انتهائها لأنَّ طعام الجنَّة لا يفنى.
          فإن قلت: لِمَ لَمْ يأخذ العنقود؟ أُجيب بأنَّه(3) من طعام الجنَّة الَّذي لا يفنى، ولا يجوز أن يُؤكَل في الدُّنيا إِلَّا ما يفنى لأنَّ الله تعالى أوجدها للفناء، فلا يكون فيها شيءٌ ممَّا يبقى. انتهى. واختُصِر هنا الجواب عن(4) تأخُّره، وذُكِر في باقي الرِّوايات أنَّه لدنوِّ نار جهنَّم.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «رأيناك تكعكعت» لأنَّ رؤية تكعكعه ╕ تدلُّ على أنَّهم كانوا يراقبونه ╕ .


[1] في غير (د): «الخسوف»، وهو تحريفٌ.
[2] في (د): «المذكور».
[3] في (م): «لأنَّه».
[4] في (م): «على».