إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء

          657- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ) بضمِّ العين (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي) حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النَّخعيُّ الكوفيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بن مهران (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو صَالِحٍ) ذكوان السَّمَّان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ) بالنَّصب خبر «ليس» كذا في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ، وفي رواية أبي ذَرٍّ وكريمة عنه وللأكثرين: ”ليس أثقلُ“ (عَلَى المُنَافِقِينَ) بحذف اسم «ليس» (مِنَ الفَجْرِ) ولأبي الوقت وابن عساكر: ”من صلاة الفجر“ (وَ) صلاة (العِشَاءِ) لأنَّ وقتَ الأولى وقتُ لذَّة النَّوم، والثَّانية وقت سكونٍ واستراحةٍ، وفي تعبيره بـ «أفعل» التَّفضيل دلالةٌ على أنَّ الصَّلاة جميعها ثقيلةٌ على المنافقين، والصَّلاتان(1) المذكورتان أثقل من غيرهما لقوّة الدَّاعي المذكور إلى تركهما، وأطلق عليهم النِّفاق‼ _وهم مؤمنون_ على سبيل المبالغة في التَّهديد لكونهم لا يحضرون الجماعة ويصلُّون في بيوتهم من غير عذرٍ ولا علَّةٍ، وقد تقدَّم التَّنبيه على ذلك في «باب وجوب الجماعة» [خ¦644] (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا) أي: في(2) الفجر والعشاء(3) من مزيد الفضل (لأَتَوْهُمَا) إلى المسجد للجماعة (وَلَوْ) كان إتيانهم (حَبْوًا) يزحفون إذا تعذَّر مشيهم كما يزحف الصَّغير، ولم يفوِّتوا ما في مسجد الجماعة من الفضل والخير، ومطابقة الحديث للتَّرجمة في(4) الجزء الثَّاني: (لَقَدْ) بغير واوٍ، ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”ولقد“ (هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ) بالمدِّ وضمِّ الميم (المُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ) بالنَّصب عطفًا على «آمُرَ» المنصوب، بـ «أنْ» مثل «فيقيمَ» (رَجُلًا يَؤُمُّ) برفع الميم (النَّاسَ) بنصب(5) السِّين، والجملة في موضع نصبٍ منه صفةً لرجلٍ المنصوب بـ «ثمَّ» آمر(6) (ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ) بضم الشِّين المعجمة وفتح العين، والنَّصب مفعول «آخذ» المنصوب عطفًا على «ثمَّ آمر» (فَأُحَرِّقَ) بفتح الحاء وتشديد الرَّاء المكسورة، نُصِب عطفًا على «آخذ»، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”فأُحْرِقَ“ بسكون الحاء (عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ) نقيض «قبلُ» مبنيٌّ على الضَّمِّ، أي: بعد أن يسمع النَّداء إلى الصَّلاة، ولأبي الوقت(7) والأَصيليِّ وابن عساكر / : ”يَقْدِرُ“ بمُثنَّاةٍ تحتيَّةٍ مفتوحةٍ(8) فقافٍ ساكنةٍ فدالٍ مكسورةٍ فراءٍ، بدل «بعد» أي: لا يخرج إلى الصَّلاة حال كونه يقدر، وفي روايةٍ _ادَّعى في «المصابيح» أنَّها للجمهور_: ”إلى الصَّلاة بعذرٍ“ بمُوحَّدةٍ ثمَّ عينٍ مهملةٍ مضمومةٍ فذالٍ معجمةٍ فراءٍ، وهي مشكلةٌ كما(9) لا يخفى، لاسيَّما ولم أرَها في شيءٍ من النُّسخ، نعم وقع(10) عند الدَّاوديِّ الشَّارح(11) فيما نقله الزَّركشيُّ والحافظ ابن حجرٍ: ”لا لعذرٍ“ بحرف النَّفي، وهي واضحةٌ، لكن قال في «الفتح»: لم نقف عليها في شيءٍ من الرِّوايات عند غيره، ولأبي داود من حديث أبي هريرة: «ثمَّ آتيَ قومًا يصلُّون في بيوتهم ليست بهم علَّةٌ فأحرِّقها عليهم».


[1] «والصَّلاتان»: ليس في (ص) و(م).
[2] «في»: مثبتٌ من (م).
[3] في (م): «العشاءين».
[4] في (م): «من».
[5] في (ص) و(م): «ونصب».
[6] «بثمَّ آمر»: ليس في (د).
[7] في غير (د) و(م): «وللكشمهيني وأبي الوقت»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[8] «مفتوحة»: ليس في (ب) و(س).
[9] في غير (م): «لمِا».
[10] «وقع»: ليس في (د) و(م).
[11] في غير (م): «الشَّائع»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (2/166).