إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عائشة: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة

          7557- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) أبو رجاء الثَّقفيُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ نَافِعٍ) العدويِّ المدنيِّ، مولى ابن عمر (عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) هو ابن أبي بكرٍ الصِّدِّيق (عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ) أي: المصوِّرين، والمراد بـ «الصُّور» هنا التَّماثيل التي لها روحٌ(1) (يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ) على سبيل التَّهكُّم والتَّعجيز: (أَحْيُوا) بفتح الهمزة (مَا خَلَقْتُمْ) أي: اجعلوا ما صوَّرتم حيوانًا ذا روحٍ، فلا يقدرون على ذلك، فيستمرُّ تعذيبهم، واستُشكِل بأنَّ استمرار التَّعذيب إنَّما يكون للكافر، وهذا مسلَّمٌ، وأُجيب بأنَّ المراد: الزَّجر الشَّديد بالوعيد بعقاب الكافر؛ ليكون أبلغ في الارتداع، وظاهره غير مرادٍ، وهذا في حقِّ العاصي بذلك، أمَّا من فعله مستحلًّا فلا إشكال فيه، وفيه: إطلاق لفظ الخلق على الكسب استهزاءً، أو ضمَّن «خلقتم» معنى: «صوَّرتم» تشبيهًا بالخلق، أو أُطلِق بناءً على زعمهم فيه، قال في «الفتح»: والذي يظهر أنَّ مناسبة ذكر حديث المصوِّرين للتَّرجمة من جهة أنَّ(2) من زعم أنَّه يخلق فعل نفسه لو صحَّت دعواه لَمَا وقع الإنكار على هؤلاء المصوِّرين، فلمَّا كان أمرهم بنفخ الرُّوح فيما صوَّروه أمر تعجيزٍ، ونسبةُ الخلق إليهم إنَّما هي على سبيل التَّهكُّم، دلَّ على فساد قول من نسب خلق فعله إليه استقلالًا. انتهى.
          وهذا الحديث أخرجه النَّسائيُّ في «الزينة» وابن ماجه في «التِّجارات».


[1] قال الشيخ قطة ☼ : هكذا في النسخ، ومعناه التي على مثال الحيوان.
[2] في (د): «أنه».