إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لما قضى الله الخلق كتب كتابًا عنده غلبت رحمتي غضبي

          7553- قال البخاريُّ: (وَقَالَ لِي خَلِيْفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ) أي: في المذاكرة: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ) قال: (سَمِعْتُ أَبِي) سليمان بن طرخان (عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ) نُفَيعٍ الصَّائغ البصريِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: لَمَّا قَضَى اللهُ الخَلْقَ)أي: أتمَّه (كَتَبَ كِتَابًا عِنْدَهُ) والعنديَّة المكانيَّة مستحيلةٌ في حقِّه تعالى، فتُحمَل على ما يليق به أو تُفوَّض إليه، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”لمَّا خلق الله الخلق كتب كتابًا عنده“: (غَلَبَتْ _أَوْ قَالَ: سَبَقَتْ_ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ) واستُشكِل بأنَّ صفات الله قديمةٌ، والقِدَم عدم المسبوقيَّة، فكيف يتصوَّر السَّبق؟ وأجيب بأنَّهما من صفات الأفعال، أو(1) المراد سبق تعلُّق الرَّحمة، وذلك لأنَّ إيصال العقوبة بعد عصيان العبد بخلاف إيصال الخير فإنَّه من مقتضيات صفاته، قال المهلَّب: وما ذُكِر من سبق رحمتِه غضبَه فظاهرٌ؛ لأنَّ من غضب عليه من خلقه لم يخيِّبه في الدُّنيا من رحمته، وقال غيره: إنَّ رحمته لا تنقطع عن أهل النَّار المخلَّدين من الكفَّار؛ إذ في قدرته تعالى أن يخلق لهم عذابًا يكون عذاب النَّار يومئذٍ لأهلها رحمةً وتخفيفًا بالإضافة إلى ذلك العذاب.


[1] في (د): «وبأنَّ».